وَحَامِلُهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَآكِلُ ثَمَنِهَا". (١)
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرة بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ آتِيَهُ بِمُدْيَةٍ وَهِيَ الشَّفْرَةُ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَأَرْسَلَ بِهَا فَأَرْهَفْتُ ثُمَّ أَعْطَانِيهَا وَقَالَ: "اغْدُ عليَّ بِهَا". فَفَعَلْتُ فَخَرَجَ بِأَصْحَابِهِ إِلَى أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ، وَفِيهَا زِقَاقُ الْخَمْرِ قَدْ جُلِبَتْ مِنَ الشَّامِ، فَأَخَذَ الْمُدْيَةَ مِنِّي فَشَقَّ مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الزِّقَاقِ بِحَضْرَتِهِ، ثُمَّ أَعْطَانِيهَا وَأَمَرَ أَصْحَابَهَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَنْ يَمْضُوا مَعِي وَأَنْ يُعَاوِنُونِي، وَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْأَسْوَاقَ كُلَّهَا فَلَا أَجِدُ فِيهَا زِقَّ خَمْرٍ إِلَّا شَقَقْتُهُ، فَفَعَلْتُ، فَلَمْ أَتْرُكْ فِي أَسْوَاقِهَا زِقًّا إِلَّا شَقَقْتُهُ. (٢)
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهب: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْح، وَابْنُ لَهِيعة، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ يَزِيدَ الْخَوْلَانِيِّ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَمٌّ يَبِيعُ الْخَمْرَ، وَكَانَ يَتَصَدَّقُ، فَنَهَيْتُهُ عَنْهَا فَلَمْ يَنْتَهِ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَتَلَقَّيْتُ (٣) ابْنَ عَبَّاسٍ، فَسَأَلَتْهُ عَنِ الْخَمْرِ وَثَمَنِهَا، فَقَالَ: هِيَ حَرَامٌ وَثَمَنُهَا حَرَامٌ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا مَعْشَرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ لَوْ كَانَ كِتَابٌ بَعْدَ كِتَابِكُمْ، وَنَبِيٌّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ، لَأُنْزِلَ فِيكُمْ كَمَا أُنْزِلَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ، وَلَكِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ولَعمري لَهُوَ أَشُدُّ عَلَيْكُمْ، قَالَ ثَابِتٌ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ، فَقَالَ: سَأُخْبِرُكَ عَنِ الْخَمْرِ، إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَبَيْنَمَا هُوَ مُحْتَبٍ حَلّ حُبْوَته ثُمَّ قَالَ: "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرِ فَلْيَأْتِنَا بِهَا". فَجَعَلُوا يَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: عِنْدِي رَاوِيَةٌ. وَيَقُولُ الْآخَرُ: عِنْدِي زقٌّ أَوْ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْمَعُوهُ بِبَقِيعِ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ آذِنُونِي". فَفَعَلُوا، ثُمَّ آذَنُوهُ فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ، فَمَشَيْتُ عَنْ يَمِينِهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَيَّ، فَأَلْحَقَنَا أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَخَّرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَنِي عَنْ شِمَالِهِ، وَجَعَلَ أَبَا (٤) بَكْرٍ فِي مَكَانِي. ثُمَّ لَحِقَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخَّرَنِي، وَجَعَلَهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَمَشَى بَيْنَهُمَا. حَتَّى إِذَا وَقَفَ عَلَى الْخَمْرِ قَالَ لِلنَّاسِ: "أَتَعْرِفُونَ هَذِهِ (٥) قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ الْخَمْرُ. قَالَ: "صَدَقْتُمْ". قَالَ: "فَإِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا، وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَبَائِعَهَا وَمُشْتَرِيَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا". ثُمَّ دَعَا بِسِكِّينٍ فَقَالَ: "اشْحَذُوهَا". فَفَعَلُوا، ثُمَّ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرِقُ بِهَا الزِّقَاقَ، قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ: فِي هَذِهِ الزِّقَاقِ مَنْفَعَةٌ، قَالَ: "أَجَلْ، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ غَضَبًا لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، لِمَا فِيهَا مِنْ سَخَطِهِ". فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا أَكْفِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا".
قَالَ ابْنُ وَهْب: وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ فِي قِصَّةِ الْحَدِيثِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. (٦)
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْران، أنبأنا إسماعيل بن محمد

(١) المسند (٢/٧١).
(٢) المسند (٢/١٣٢) وقال الهيثمي في المجمع (٥/٥٤) :"رواه أحمد بإسنادين في أحدهما أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط، وفي الآخر أبو طعمة، وقد وثقه محمد بن عمار الموصلي، وضعفه مكحول وبقية رجاله ثقات".
(٣) في أ: "فلقيت".
(٤) في ر: "أبو" وهو خطأ.
(٥) في ر: "هذا".
(٦) السنن الكبرى (٨/٢٨٦).


الصفحة التالية
Icon