وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُوني، حَدَّثَنَا هِشَامُ (١) بْنُ عَمَّارٍ، حدثنا بن عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ السَّكُونِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَنْتَزِعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ حَتَّى خَتَمَهَا، فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.
وَرَوَى ابْنُ مَرْدُويه، مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنِ وَجِيهٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَة قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾ يَوْمَ عَرَفَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ عَلَى الْمَوْقِفِ. (٢)
فَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهيعَة، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَش بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَلِدَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، [وَنُبِّئَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ] (٣) وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَأُنْزِلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ وَرَفْعُ الذِّكْرِ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، فَإِنَّهُ أَثَرٌ غَرِيبٌ (٤) وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهيعة، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَش الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَاسْتُنْبِئَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَرَجَ مُهَاجِرًا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَوَضَعَ (٥) الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ.
هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ، وَلَمْ يَذْكُرْ نُزُولَ الْمَائِدَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ (٦) فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَرَادَ أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَاشْتَبَهَ عَلَى الرَّاوِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[وَ] (٧) قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ قِيلَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ النَّاسِ، ثُمَّ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ يَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ النَّاسِ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مسِيره إِلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ. ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدُويه مِنْ طَرِيقِ أَبِي هَارُونَ العَيْدي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّهَا أُنْزَلِتْ عَلَى رسول الله ﷺ يوم غَدِير خُم (٨) حِينَ قَالَ لَعَلِيٍّ: "مَنْ كنتُ مَوْلَاهُ فَعَليٌّ مَوْلَاهُ". ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (٩) وَفِيهِ: أَنَّهُ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، يَعْنِي مَرْجِعَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (١٠) مِنْ حجة الوداع.

(١) في ر: "هاشم".
(٢) في أ: "يوم".
(٣) زيادة من أ.
(٤) تفسير الطبري (٩/٥٣٠).
(٥) في أ: "ورفع".
(٦) المسند (١/٢٧٧) وقال الهيثمي في المجمع (١/١٩٦) :"فيه ابن لهيعة وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح".
(٧) زيادة من أ.
(٨) في ر: "غديرهم"
(٩) وفي إسناده أبو هارون العبدي شيعي متروك، لكن تابعه عطية العوفي رواه الطبراني في الأوسط برقم (٣٧٣٧) "مجمع البحرين"، وحديث أبي هريرة رواه الطبراني في الأوسط برقم (٣٧٣٨) "مجمع البحرين". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: "ليس في الصحاح لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته فنقل عنه البخاري وإبراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيه وضعفوه، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسنه كما حسنه الترمذي". وقد جمع طرق هذا الحديث الشيخ ناصر الألباني في السلسلة الصحيحة (١٧٥٠).
(١٠) في أ: "صلى الله عليه وسلم".


الصفحة التالية
Icon