لَهُ شَرِيكًا أَوْ وَلَدًا، أَوِ ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ أَرْسَلَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾
قَالَ عِكْرِمة وَقَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ [لَعَنَهُ اللَّهُ] (١)
﴿وَمَنْ قَالَ سَأُنزلُ مِثْلَ مَا أَنزلَ اللَّهُ﴾ يَعْنِي: وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يُعَارِضُ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْوَحْيِ مِمَّا يَفْتَرِيهِ مِنَ الْقَوْلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا [إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ] (٢) ﴾ [الْأَنْفَالِ: ٣١]، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ أَيْ: فِي سَكَرَاتِهِ وَغَمَرَاتِهِ وكُرُباته، ﴿وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾ أَيْ: بِالضَّرْبِ كَمَا قَالَ: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي [مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ] ﴾ (٣) الْآيَةَ [الْمَائِدَةِ: ٢٨]، وَقَالَ: ﴿وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ﴾ الْآيَةَ [الْمُمْتَحِنَةِ: ٢].
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، وَأَبُو صَالِحٍ: ﴿بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾ أَيْ: بِالْعَذَابِ. وَكَمَا قَالَ [تَعَالَى] (٤) ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ [الْأَنْفَالِ: ٥٠] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾ أَيْ: بِالضَّرْبِ لَهُمْ حَتَّى تَخْرُجَ أَنْفُسُهُمْ مِنْ أَجْسَادِهِمْ؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ لَهُمْ: ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتَضَرَ بَشَّرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْعَذَابِ والنَّكال، وَالْأَغْلَالِ وَالسَّلَاسِلِ، وَالْجَحِيمِ وَالْحَمِيمِ، وَغَضَبِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَتَتَفَرَّقُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَتَعْصَى وَتَأْبَى الْخُرُوجَ، فَتَضْرِبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَخْرُجَ أَرْوَاحُهُمْ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، قَائِلِينَ لَهُمْ: ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ [وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ] ﴾ (٥) أَيِ: الْيَوْمَ تُهَانُونَ غَايَةَ الْإِهَانَةِ، كَمَا كُنْتُمْ تَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ، وَتَسْتَكْبِرُونَ عَنِ اتِّبَاعِ آيَاتِهِ، وَالِانْقِيَادِ لِرُسُلِهِ.
وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ [مُتَوَاتِرَةٌ] (٦) فِي كَيْفِيَّةِ احْتِضَارِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَهِيَ مُقَرَّرَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: ٢٧].
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَرْدُوَيه هَاهُنَا حَدِيثًا مُطَوَّلًا جِدًّا مِنْ طَرِيقٍ غَرِيبَةٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ (٧)
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ أَيْ: يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ مَعَادِهِمْ هَذَا، كَمَا قَالَ ﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الْكَهْفِ: ٤٨]، أَيْ: كَمَا بَدَأْنَاكُمْ أَعَدْنَاكُمْ، وَقَدْ كُنْتُمْ تُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَتَسْتَبْعِدُونَهُ، فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ﴾ أَيْ: مِنَ النِّعَمِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي اقْتَنَيْتُمُوهَا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا ﴿وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ﴾ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مالك
(٢) زيادة من م، أ، وفي هـ "الآية".
(٣) زيادة من م، أ.
(٤) زيادة من م.
(٥) زيادة من م، أ، وفي هـ: "الآية".
(٦) زيادة من م، وفي أ: "الأحاديث المتواترة".
(٧) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٣/٣١٨) وقال: إسناده ضعيف.