قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ".
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ (١).
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّاد، عَنْ كُلْثُومٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلْنَا على رسول الله ﷺ وَهُوَ مَرِيضٌ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَاهُ نَائِمًا قَدْ غَطَّى وَجْهَهُ بِبُرْدٍ عَدني، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ (٢) : لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ يُحَرِّمُونَ شُحُومَ الْغَنَمِ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَانَهَا"، وَفِي رِوَايَةٍ: "حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وأكلوا أثمانها" (٣).
(١) ورواه ابن عبد البر في التمهيد (٩/٤٤) من طريق هشيم، عن خالد الحذاء به.
(٢) في أ: "فقال".
(٣) المسند (١/٢٤٧) وسنن أبي داود برقم (٣٤٨٨).
(٢) في أ: "فقال".
(٣) المسند (١/٢٤٧) وسنن أبي داود برقم (٣٤٨٨).
﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى: فَإِنْ كَذَّبَكَ (١) -يَا مُحَمَّدُ -مُخَالِفُوكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَمَنْ شَابَهَهُمْ، فَقُلْ: ﴿رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ﴾ وَهَذَا تَرْغِيبٌ لَهُمْ فِي ابْتِغَاءِ رَحْمَةِ اللَّهِ الْوَاسِعَةِ، وَاتِّبَاعِ رَسُولِهِ، ﴿وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ تَرْهِيبٌ لَهُمْ مِنْ (٢) مُخَالَفَتِهِمُ الرَّسُولَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ. وَكَثِيرًا مَا يَقْرِنُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ فِي الْقُرْآنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الْآيَةَ: ١٦٥]، وَقَالَ ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الرَّعْدِ: ٦]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩، ٥٠]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ [غَافِرَ: ٣]، وَقَالَ [تَعَالَى] (٣) :﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [الْبُرُوجِ: ١٢ -١٤]، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠) ﴾
هَذِهِ مُنَاظَرَةٌ ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَشُبْهَةٌ تَشَبَّثَتْ بِهَا الْمُشْرِكُونَ فِي شِرْكِهِمْ وَتَحْرِيمِ ما حرموا؛ فإن الله
(١) في م، أ: "كذبوك".
(٢) في م: "في".
(٣) زيادة من أ.
(٢) في م: "في".
(٣) زيادة من أ.