وَمِنْ عَمِلَ شَرًّا جُزِي بِهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا وُعِدُوا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ﴾ قَالَ: عَمَلُهُ وَرِزْقُهُ وَعُمُرُهُ.
وَكَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ. وَهَذَا الْقَوْلُ قَوِيٌّ فِي الْمَعْنَى، وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾ وَيَصِيرُ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ [تَعَالَى] (١) ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يُونُسَ: ٦٩، ٧٠] وَقَوْلُهُ ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا [ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ] ﴾ (٢) [لُقْمَانَ: ٢٣، ٢٤].
وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] (٣) ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ [قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ] ﴾ (٤) الْآيَةَ: يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا تَوَفَّتِ الْمُشْرِكِينَ تُفْزِعُهُمْ (٥) عِنْدَ الْمَوْتِ وقَبْض أَرْوَاحِهِمْ إِلَى النَّارِ، يَقُولُونَ لَهُمْ (٦) أَيْنَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ بِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَدْعُونَهُمْ وَتَعْبُدُونَهُمْ مَنْ دُونِ اللَّهِ؟ ادْعُوهُمْ يُخَلِّصُوكُمْ (٧) مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ. قَالُوا: ﴿ضَلُّوا عَنَّا﴾ أَيْ: ذَهَبُوا عَنَّا فَلَا نَرْجُو نَفْعَهُمْ، وَلَا خَيْرَهُمْ. ﴿وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ أَيْ: أَقَرُّوا وَاعْتَرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴿أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾.
(٢) زيادة من د، ك، م، أ.
(٣) زيادة من أ.
(٤) زيادة من أ.
(٥) في أ: "تقرعهم".
(٦) في د: "قائلين لهم".
(٧) في أ: "يخلصونكم".
﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا يَقُولُهُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ، الْمُفْتَرِينَ عَلَيْهِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِهِ: ﴿ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ﴾ أَيْ: مِنْ أَشْكَالِكُمْ وَعَلَى صِفَاتِكُمْ، ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ أَيْ: مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ الْكَافِرَةِ، ﴿مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ فِي النَّارِ﴾ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: ﴿فِي أُمَمٍ﴾ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ﴿فِي أُمَمٍ﴾ أَيْ: مَعَ أُمَمٍ.
وَقَوْلُهُ: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ كَمَا قَالَ الخليل، عليه السلام: ﴿ثُمّ (١) َ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ [وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا] ﴾ (٢) الْآيَةَ [الْعَنْكَبُوتِ: ٢٥]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [البقرة: ١٦٦، ١٦٧].
(٢) زيادة من ك، م، أ.