رَبِّ اجْعَلْهُمْ أُمَّتِي. قَالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً أَنَاجِيلُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ يَقْرَءُونَهَا -كِتَابَهُمْ -وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُمْ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ نَظَرًا، حَتَّى إِذَا رَفَعُوهَا لَمْ يَحْفَظُوا [مِنْهَا] (١) شَيْئًا، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ. قَالَ قَتَادَةُ: وَإِنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ مِنَ الْحِفْظِ شَيْئًا لَمْ يُعْطِهِ (٢) أَحَدًا مِنَ الْأُمَمِ. قَالَ: رَبِّ، اجْعَلْهُمْ أُمَّتِي. قَالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً يُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ، وَبِالْكِتَابِ الْآخِرِ، وَيُقَاتِلُونَ فُصُولَ الضَّلَالَةِ، حَتَّى يُقَاتِلُوا (٣) الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي. قَالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً صَدَقَاتُهُمْ يَأْكُلُونَهَا فِي بُطُونِهِمْ، وَيُؤْجَرُونَ عَلَيْهَا -وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ إِذَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَقَبِلَتْ مِنْهُ، بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا نَارًا فَأَكَلَتْهَا، وَإِنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ تُركَت، فَتَأْكُلُهَا السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ، وَإِنَّ اللَّهَ أَخَذَ صَدَقَاتِكُمْ مِنْ غَنِيِّكُمْ لِفَقِيرِكُمْ (٤) -قَالَ: رَبِّ، اجْعَلْهُمْ أُمَّتِي. قَالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ رَبِّ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً إِذَا هَمَّ أَحَدُهُمْ بِحَسَنَةٍ ثُمَّ لَمْ يَعْمَلْهَا، كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، فَإِنْ عَمِلَهَا، كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ [ضِعْفٍ] (٥) رَبِّ اجْعَلْهُمْ أُمَّتِي. قَالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً إِذَا هَم أَحَدُهُمْ بِسَيِّئَةٍ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِذَا عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي: قَالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً هُمُ الْمُسْتَجِيبُونَ وَالْمُسْتَجَابُ لَهُمْ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي. قَالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ: رَبِّ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْأَلْوَاحِ أُمَّةً هُمُ المشفَّعون وَالْمَشْفُوعُ لَهُمْ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي. قَالَ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ. قَالَ: قَتَادَةُ فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ مُوسَى [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (٦) نَبَذَ الْأَلْوَاحَ، وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ أَحْمَدَ (٧)
﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (١٥٥) ﴾

(١) زيادة من أ.
(٢) في ك، م، أ: "يعط".
(٣) في ك، م: "يقاتلون" وهو خطأ.
(٤) في ك: "غنيهم لفقيرهم".
(٥) زيادة من أ.
(٦) زيادة من أ.
(٧) تفسير الطبري (١٣/١٢٤).

﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (١٥٦) ﴾
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: كَانَ اللَّهُ أمرَه أَنْ يَخْتَارَ مِنْ قَوْمِهِ سَبْعِينَ رَجُلًا فَاخْتَارَ سَبْعِينَ رَجُلًا فَبَرَزَ بِهِمْ لِيَدْعُوا رَبَّهُمْ، فَكَانَ فِيمَا دَعَوُا اللَّهَ قَالُوا: اللَّهُمَّ أَعْطِنَا مَا لَمْ تُعْطِهِ أَحَدًا قَبْلَنَا وَلَا تُعْطِهِ أَحَدًا بَعْدَنَا فَكَرِهَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ دعائهم، فأخذتهم الرجفة، قال موسى: ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ﴾ الْآيَةَ.
وَقَالَ السُّدِّي: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَأْتِيَهُ فِي نَاسٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَوَعْدَهُمْ مَوْعِدًا، فَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا عَلَى عَيْنِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمْ لِيَعْتَذِرُوا. فَلَمَّا أَتَوْا ذَلِكَ الْمَكَانَ قَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ يَا مُوسَى حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً، فَإِنَّكَ قَدْ كَلَّمْتَهُ، فأرناه. فأخذتهم


الصفحة التالية
Icon