عَبَّاسٍ (١) فَهَذَا أَكْثَرُ وَأَثْبَتُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَة الضُّبَعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] (٢) قَالَ: أَخْرَجَ اللَّهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (٣) مِنْ ظَهْرِهِ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ، وَهُوَ فِي آذِي مِنَ الْمَاءِ.
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَة بْنُ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عَنْ جُوبير قَالَ: مَاتَ ابْنٌ لِلضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِم، [وَهُوَ] (٤) ابْنُ سِتَّةِ أَيَّامٍ. قَالَ: فَقَالَ: يَا جَابِرُ، إِذَا أَنْتَ وَضَعْتَ ابْنِي فِي لَحْدِهِ، فَأَبْرِزْ وَجْهَهُ، وحُلّ عَنْهُ عُقَدَهُ، فَإِنَّ ابْنِي مُجْلَس، وَمَسْئُولٌ. فَفَعَلْتُ بِهِ الَّذِي أَمَرَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، عَمَّ يُسأل ابْنُكَ؟ مَنْ يَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟ قَالَ: يُسْأل عَنِ الميثاق الذي أقر به في (٥) صلب آدم. قُلْتُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، وَمَا هَذَا الْمِيثَاقُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فِي (٦) صُلْبِ آدَمَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (٧) ؛ أَنَّ اللَّهَ مَسَحَ صُلْبَ آدَمَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ كُلَّ نَسَمَةٍ هُوَ خَلَقَهَا (٨) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَأَخَذَ مِنْهُمُ الْمِيثَاقَ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِالْأَرْزَاقِ، ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبِهِ. فَلَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يُولَدَ مَنْ أَعْطَى الْمِيثَاقَ يَوْمَئِذٍ، فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمُ الْمِيثَاقَ الْآخِرَ فَوَفَّى بِهِ، نَفَعَهُ الْمِيثَاقُ الْأَوَّلُ. وَمَنْ أَدْرَكَ الْمِيثَاقَ الْآخِرَ فَلَمْ يَفِ (٩) بِهِ، لَمْ يَنْفَعْهُ الْمِيثَاقُ الْأَوَّلُ. وَمَنْ مَاتَ صَغِيرًا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ الْمِيثَاقَ الْآخَرَ، مَاتَ عَلَى الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ عَلَى الْفِطْرَةِ (١٠)
فَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا مِمَّا تقوِّي وَقْف هَذَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الضَّحَّاكِ وَعَنْ (١١) -مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ -عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ قَالَ: "أَخَذَ مِنْ ظَهْرِهِ، كَمَا يُؤْخَذُ بِالْمُشْطِ مِنَ الرَّأْسِ، فَقَالَ لَهُمْ: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ ﴿شَهِدْنَا أَنْ يَقُولُوا﴾ (١٢) يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٣)
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَيْبَةَ هَذَا هُوَ: أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيُّ قَاضِي قَوْمَسَ، كَانَ أَحَدَ الزُّهَّادِ، أَخْرَجَ لَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ أَكْثَرُهَا (١٤) غَرَائِبُ.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عن منصور، عن مجاهد،

(١) تفسير الطبري (١٣ / ٢٣٦، ٢٣٧).
(٢) زيادة من أ.
(٣) زيادة من أ.
(٤) زيادة من م.
(٥) في ك، م، أ: "من".
(٦) في ك، م، أ: "من".
(٧) زيادة من أ.
(٨) في ك، م، أ: "خالقها".
(٩) في ك، م: "يقر".
(١٠) تفسير الطبري (١٣/٢٣٠).
(١١) في م: "بن".
(١٢) في أ: "تقولوا".
(١٣) تفسير الطبري (١٣/٢٣٢) قال الطبري: "ولأعلمه صحيحا؛ لأن الثقات الذين يعتمد على حفظهم واتقانهم، حدثوا بهذا الحديث عن الثوري فوقفوه على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه ولم يذكروا في الحديث هذا الحرف الذي ذكره أحمد بن أبي طيبة عنه".
(١٤) في ك، م، أ: "كثيرة".


الصفحة التالية
Icon