مِنْ طُرُق: عَنْ سِمَاك بْنِ حَرْبٍ: أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ يُحدِّث عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (١) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً فِي بُسْتَانٍ، فَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا، قَبَّلتها وَلَزِمْتُهَا، وَلَمْ أَفْعَلْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَافْعَلْ بِي مَا شِئْتَ. فَلَمْ يَقُلْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَذَهَبَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ، لَوْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ. فَأَتْبَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصرَه ثُمَّ قَالَ: "رُدُّوهُ عَلَيَّ". فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ فَقَالَ مُعَاذٌ -وَفِي رِوَايَةِ عُمَرَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ وَحْدَهُ، أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً؟ فَقَالَ: "بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً" (٢).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُرّة الهَمْداني، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ (٣) كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِي (٤) الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ (٥) إِلَّا مَنْ أَحَبَّ. فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ، وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ". قَالَ: قُلْنَا: وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ (٦) ؟ قَالَ: "غِشُّهُ وَظُلْمُهُ، وَلَا يكسِبُ عَبْدٌ مَالًا حَرَامًا فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَلَا يَتَصَدَّقُ فَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَلَا يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلَّا كَانَ زادَه إِلَى النَّارِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنَّهُ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ" (٧).
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ فُلَانُ ابْنُ مُعَتِّبٍ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَخَلْتُ عَلَى امْرَأَةٍ فنِلْتُ مِنْهَا مَا يَنَالُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ، إِلَّا أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا فَلَمْ يَدْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُجِيبُهُ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ (٨) فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ (٩).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ غَزِيَّة الْأَنْصَارِيُّ التَّمَّارُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ أَبُو نُفَيْلٍ عَامِرُ بْنُ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّهُ أَبُو اليَسر: كعب بن عمرو.
(٢) المسند (١/٤٤٥) وصحيح مسلم برقم (٢٧٦٣) وسنن أبي داود برقم (٤٤٦٨) وسنن الترمذي برقم (٣١١٢) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٧٣٢٣) وتفسير الطبري (١٥/٥١٥).
(٣) في ت، أ: "آجالكم".
(٤) في ت: "معطى".
(٥) في ت، أ: "الآخرة".
(٦) في أ: "يا رسول الله".
(٧) المسند (١/٣٨٧).
(٨) في ت، أ: "أقم" وهو خطأ.
(٩) تفسير الطبري (١٥/٥١٩).