والله (١) أعلم.

(١) في ت: "فالله".

﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣) ﴾
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ الَّتِي كَانَ يُوسُفُ فِي بَيْتِهَا بِمِصْرَ، وَقَدْ أَوْصَاهَا زَوْجُهَا بِهِ وَبِإِكْرَامِهِ [ ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا] عَنْ نَفْسِهِ﴾ أَيْ: حَاوَلَتْهُ عَلَى (١) نَفْسِهِ، (٢) وَدَعَتْهُ إِلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا أَحَبَّتْهُ حُبًّا شَدِيدًا لِجَمَالِهِ وَحُسْنِهِ وَبَهَائِهِ، فَحَمَلَهَا ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَجَمَّلَتْ لَهُ، وَغَلَّقَتْ عَلَيْهِ الْأَبْوَابَ، وَدَعَتْهُ إِلَى نَفْسِهَا، ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ فَامْتَنَعَ مِنْ ذلك أشد الامتناع، و ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي [أَحْسَنَ مَثْوَايَ] ﴾ (٣) وَكَانُوا يُطْلِقُونَ "اَلرَّبَّ" (٤) عَلَى السَّيِّدِ وَالْكَبِيرِ، أَيْ: إِنَّ بَعْلَكِ رَبِّي أَحْسَنَ (٥) مَثْوَايَ أَيْ: مَنْزِلِي وَأَحْسَنَ إِلَيَّ، فَلَا أُقَابِلُهُ بِالْفَاحِشَةِ فِي أَهْلِهِ، ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ قَالَ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ فَقَرَأَهُ كَثِيرُونَ بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَإِسْكَانِ الْيَاءِ، وَفَتْحِ التَّاءِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مَعْنَاهُ: أَنَّهَا تَدْعُوهُ إِلَى نَفْسِهَا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَالْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ تَقُولُ: هَلُمَّ لَكَ. وَكَذَا قَالَ زِرّ بْنُ حُبَيْشٍ، وعِكْرِمة، وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ عبُيَد، عَنِ الْحَسَنِ: وَهِيَ كَلِمَةٌ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، أَيْ: عَلَيْكَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ أَيْ: هَلُمَّ لَكَ، وَهِيَ بِالْقِبْطِيَّةِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ لُغَةٌ عَرَبِيَّةٌ (٦) تَدْعُوهُ بِهَا.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ هَلُم لَكَ بالحَوْرَانية.
وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا، وَقَدْ أَسْنَدَهُ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُهَيْل الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّة بْنُ قيسى، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ عَرَبِيٍّ الجَزَري (٧)، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ قَالَ: هَلُمَّ لَكَ. قَالَ: هِيَ بالْحَوْرَانِيَّةِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَحْكِي (٨) هَذِهِ الْقِرَاءَةَ -يَعْنِي: ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ -وَيَقُولُ: هِيَ لُغَةٌ، لِأَهْلِ حَوْران، وَقَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْحِجَازِ، مَعْنَاهَا: تَعَالَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَأْلَتُ شَيْخًا عَالِمًا مِنْ أَهْلِ حَوْرَانَ، فَذَكَرَ أَنَّهَا لغتهم يعرفها.
(١) زيادة من ت، أ.
(٢) في ت، أ: "عن".
(٣) زيادة من أ.
(٤) في ت، أ: "ذلك".
(٥) في ت، أ: "أكرم".
(٦) في ت: "غريبة".
(٧) في ت: "+غربي +الحوري".
(٨) في ت، أ: "يحب".


الصفحة التالية
Icon