صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ"، فَذَكَرَ فِيهِمْ شَاهِدَ يُوسُفَ (١).
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ: ابْنُ مَاشِطَةِ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْج، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (٢).
وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ إِنْسِيًّا. وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ.
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ﴾ أَيْ: فَلَمَّا تَحَقَّقَ زَوْجُهَا صدقَ يُوسُفَ وَكَذِبَهَا فِيمَا قَذَفَتْهُ وَرَمَتْهُ بِهِ، ﴿قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ﴾ أَيْ: إِنَّ هَذَا الْبُهْتَ واللَّطخ الَّذِي لَطَّخْتِ عِرْضَ هَذَا الشَّابِّ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ كَيْدِكُنَّ، ﴿إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾
ثُمَّ قَالَ آمِرًا لِيُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِكِتْمَانِ مَا وَقَعَ: يَا ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ أَيِ: اضْرِبْ عَنْ هَذَا [الْأَمْرِ] (٣) صَفْحًا، فَلَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ، ﴿وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ﴾ يَقُولُ لِاِمْرَأَتِهِ وَقَدْ كَانَ لَيِّنَ الْعَرِيكَةِ سَهْلًا أَوْ أَنَّهُ عَذَرَهَا؛ لِأَنَّهَا رَأَتْ مَا لَا صَبْرَ لَهَا عَنْهُ، فَقَالَ لَهَا: ﴿وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ﴾ أَيِ: الَّذِي (٤) وَقَعَ مِنْكِ مِنْ إِرَادَةِ السُّوءِ بِهَذَا الشَّابِّ، ثُمَّ قَذْفه بِمَا هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ، اسْتَغْفِرِي مِنْ هَذَا الَّذِي وَقَعَ مِنْكِ، ﴿إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ﴾
﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) ﴾

(١) تفسير الطبري (١٦/٥٥) ورواه أحمد في المسند (١/٣١٠) والحاكم في المستدرك (٢/٤٩٦) من طريق حماد بن سلمة به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٢) رواه العلاء بن عبد الجبار عن حماد موقوفا أخرجه الطبري في تفسيره (١٦/٥٤).
(٣) زيادة من ت.
(٤) في ت، أ: "للذي".

﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤) ﴾
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ خَبَرَ يُوسُفَ وَاِمْرَأَةِ الْعَزِيزِ شَاعَ فِي الْمَدِينَةِ، وَهِيَ مِصْرُ، حَتَّى تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهِ، ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ﴾ مِثْلُ نِسَاءِ الْأُمَرَاءِ [و] (١) الْكُبَرَاءِ، يُنْكِرْنَ عَلَى امْرَأَةِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ الْوَزِيرُ، وَيَعِبْنَ ذَلِكَ عَلَيْهَا: ﴿امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ﴾ أَيْ: تحاول غلامها عن نفسه، وتدعوه إلى
(١) زيادة من ت، أ.


الصفحة التالية
Icon