أَيْ: هَمِّي وَمَا أَنَا فِيهِ ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ وَحَدَّهُ ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ أَيْ: أَرْجُو مِنْهُ كُلَّ خَيْرٍ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يَعْنِي رُؤْيَا يُوسُفَ أَنَّهَا صِدْقٌ وَأَنَّ اللَّهَ لَا بُدَّ أَنْ يُظْهِرَهَا وَيُنْجِزَهَا. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (١) أَعْلَمُ أَنَّ رُؤْيَا يُوسُفَ صَادِقَةٌ، وَأَنِّي سَوْفَ أَسْجُدُ لَهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنَيَّة، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ لِيَعْقُوبَ النَّبِيِّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَخٌ مُؤاخ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: مَا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرَكَ وَقَوَّسَ ظَهْرَكَ؟ قَالَ: الَّذِي (٢) أَذْهَبَ بَصَرِي الْبُكَاءُ (٣) عَلَى يُوسُفَ، وَأَمَّا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرِي فَالْحُزْنُ عَلَى بِنْيَامِينَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، إِنَّ اللَّهَ يُقرئك السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: أَمَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَشْكُوَنِي إِلَى غَيْرِي؟ فَقَالَ يَعْقُوبُ: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ. فَقَالَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَشْكُو" (٤).
وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، فيه نكارة.
(٢) في أ: "أما الذي".
(٣) في ت، أ: "فالبكاء".
(٤) ورواه الحاكم في المستدرك (٢/٣٤٨) من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ، عن حفص بن عمر ابن الزبير، عن أنس بنحوه، وقال الحاكم: "حفص بن عمر بن الزبير، وأظن الزبير وهما من الراوي فإنه حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري". ورواه إسحاق بن راهويه ومن طريقه الحاكم في المستدرك (٢/٣٤٨) من طريق يحيى بن عبد الملك، عن أنس بن مالك مرسلا. ورواه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة" برقم (٤٧) من طريق زافر بن سليمان عن يحيى بن عبد الملك عن رجل، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مرفوعا. ورواه الطبراني في الأوسط برقم (٣٣٤١) "مجمع البحرين" من طريق وهب بن بقية عن يحيى بن عبد المطلب عن حصين بن عمر الأحمسي عن أبي الزبير عن أنس مرفوعا. وبهذا يتبين أن الحديث مضطرب.
﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِنَّهُ نَدَبَ بَنِيهِ عَلَى (١) الذَّهَابِ فِي الْأَرْضِ، يَسْتَعْلِمُونَ أَخْبَارَ يُوسُفَ وَأَخِيهِ بِنْيَامِينَ.
وَالتَّحَسُّسُ (٢) يَكُونُ فِي الْخَيْرِ، وَالتَّجَسُّسُ يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ.
ونَهّضهم وَبَشَّرَهُمْ وَأَمْرَهُمْ أَلَّا يَيْأَسُوا مِنْ رُوحِ اللَّهِ، أَيْ: لَا يَقْطَعُوا رَجَاءَهُمْ وَأَمَلَهُمْ مِنَ اللَّهِ فِيمَا يَرُومُونَهُ وَيَقْصِدُونَهُ (٣) فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الرَّجَاءَ، وَيَقْطَعُ الْإِيَاسَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٤).
وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: فَذَهَبُوا فَدَخَلُوا بلد (٥) مصر، ودخلوا على يوسف،
(٢) في ت: "والتجسس".
(٣) في ت، أ: "ويقصدون له".
(٤) في ت: "الكافرين".
(٥) في أ: "بلاد".