﴿قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ﴾ يَعْنُونَ مِنَ الْجَدْبِ وَالْقَحْطِ وَقِلَّةِ الطَّعَامِ، ﴿وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ﴾ أَيْ: وَمَعَنَا ثَمَنُ الطَّعَامِ الَّذِي تَمْتَارُهُ، وَهُوَ ثَمَنٌ قَلِيلٌ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الرَّدِيءُ (١) لَا يَنفُق، مِثْلَ خَلَق الغِرارة، وَالْحَبْلِ، وَالشَّيْءِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: الدَّرَاهِمُ الرَّدِيئَةُ الَّتِي لَا تَجُوزُ إِلَّا بِنُقْصَانٍ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، والُّسدي.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ [وَعِكْرِمَةُ] (٢) هِيَ الدَّرَاهِمُ الفُسُول.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: هُوَ الصَّنَوْبَرُ وَحَبَّةُ الْخَضْرَاءِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: كَاسِدَةٌ لَا تُنْفَقُ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: جَاءُوا بحَبِّ البُطْم الْأَخْضَرِ وَالصَّنَوْبَرِ.
وَأَصْلُ الْإِزْجَاءِ: الدَّفْعُ لِضَعْفِ الشَّيْءِ، كَمَا قَالَ حَاتِمٌ الطَّائِيُّ:

ليَبْك عَلى مِلْحَانَ ضَيفٌ مُدَفَّعٌ وَأرمَلَةٌ تُزْجي مَعَ الَّليْلِ أرمَلا (٣)
وَقَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
الوَاهبُ المائةِ الهجَان وعَبدِها عُوذًا تُزَجِّي خَلْفَها أطْفَالَها (٤)
وَقَوْلُهُ إِخْبَارًا عَنْهُمْ: ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ﴾ أَيْ: أَعْطِنَا بِهَذَا الثَّمَنِ الْقَلِيلِ مَا كُنْتَ تُعْطِينَا قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "فأوقرْ رِكَابَنَا وَتَصَدَّقَ عَلَيْنَا".
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ برَدِّ أَخِينَا إِلَيْنَا.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾ يَقُولُونَ: تَصَدَّقْ عَلَيْنَا بِقَبْضِ هَذِهِ الْبِضَاعَةِ الْمُزْجَاةِ، وَتَجَوَّزُ فِيهَا.
وَسُئِلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيُيْنَة: هَلْ حُرِّمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ: ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْهُ (٥) (٦).
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا وَسُئِلَ: هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ تَصَدَّقْ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا الصَّدَقَةُ لمن يبتغي الثواب.
(١) في ت، أ: "الردي الذي لا ".
(٢) زيادة من ت، أ.
(٣) البيت في تفسير الطبري (١٦/٢٣٥).
(٤) البيت في تفسير الطبري (١٦/٢٣٥).
(٥) في أ: "به".
(٦) تفسير الطبري (١٦/٢٤٢).


الصفحة التالية
Icon