قَالَ شُعْبَة، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ، صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: هُوَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّمِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ فَنَزَلَتْ ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ الْآيَةَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ، كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيد اللَّهِ بْنُ مُعَاذ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُعْبَةَ، بِهِ (١)
وَأَحْمَدُ هَذَا هُوَ: أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ. قَالَهُ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ، وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ قَالَ: هُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعْ لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِع﴾ [الْمَعَارِجِ: ١-٢] وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيُّ: إِنَّهُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ -زَادَ عَطَاءٌ: فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِالْحِسَابِ﴾ [ص: ١٦] وَقَالَ ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٩٤] وَقَالَ ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾ [الْمَعَارِجِ: ١، ٢]، قَالَ عَطَاءٌ: وَلَقَدْ أُنْزِلَ فِيهِ بِضْعَ عَشْرَةَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَ ابْنُ مُرْدُوَيْه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلة، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَاقِفًا يَوْمَ أُحُد عَلَى فَرَسٍ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ، إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا، فَاخْسِفْ بِي وَبِفَرَسِي".
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ الْآيَةَ، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ سَفَهَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَجَهَلَتُهَا (٢) فَعَادَ اللَّهُ بِعَائِدَتِهِ وَرَحْمَتِهِ عَلَى سَفَهَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَجَهَلَتِهَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمة بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْل سِمَاك الْحَنَفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ (٣) فَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ قَدْ"! وَيَقُولُونَ: لَا شَرِيكَ لَكَ، إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ. وَيَقُولُونَ: غُفْرَانَكَ، غُفْرَانَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ فِيهِمْ أَمَانَانَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالِاسْتِغْفَارُ، فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبقي الاستغفار (٤)
(٢) في ك: "وجهلها".
(٣) في أ: "لك لبيك".
(٤) ورواه الطبري في تفسير (١٣/٥١١) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود به.