وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِقِنَاعِ بُسْر فَقَالَ: (١) "وَمَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ" قَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ" (٢).
وَرُوِيَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ، عَنْ أَنَسٍ مَوْقُوفًا (٣) وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ مَسْرُوقٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ تُشْبِهُ -أَوْ: كَالرَّجُلِ -اَلْمُسْلِمِ، لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا [وَلَا وَلَا وَلَا] (٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ". فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَا، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا (٥).
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا -قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى بِجِمَارٍ. فَقَالَ: "مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ مَثَلُهَا مَثَلُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ". فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَنَظَرَتْ فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ، [فَسَكَتُّ] (٦) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ" أَخْرَجَاهُ (٧).
وَقَالَ مَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: "إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَطْرَحُ وَرَقُهَا، مِثْلُ الْمُؤْمِنِ". قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، وَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ [فَاسْتَحْيَيْتُ، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ] " (٨) أَخْرَجَاهُ أَيْضًا (٩).
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ -يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ الْعَطَّارَ -حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ! فَقَالَ: "أَرَأَيْتَ لو عمد إلى متاع
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٦/٥٧٠) والترمذي في السنن برقم (٣١١٩) مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ، وَقَالَ الترمذي: "وروى غير واحد مثل هذا موقوفا، ولا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة، ورواه معمر وحماد بن زيد وغير واحد ولم يرفعوه".
(٣) رواه أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك نحوه موقوفا، أخرجه الترمذي في السنن برقم (٣١١٩) ورواه حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس موقوفا، أخرجه الترمذي في السنن برقم (٣١١٩).
(٤) زيادة من ت، أ، والبخاري.
(٥) صحيح البخاري برقم (٤٦٩٨).
(٦) زيادة من ت، أ، والمسند.
(٧) المسند (٢/١٢) وصحيح البخاري برقم (٧٢) وصحيح مسلم برقم (٢٨١١).
(٨) زيادة من ت، أ، والصحيحين.
(٩) صحيح البخاري برقم (١٣١) وصحيح مسلم برقم (٢٨١١).