مَنْزِلُكَ لَوْ آمَنْتَ بِرَبِّكَ، فَأَمَّا إِذْ كَفَرْتَ بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، أَبْدَلَكَ بِهِ هَذَا. فَيُفْتَحُ (١) لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، ثُمَّ يقمَعه قَمْعَةً بِالْمِطْرَاقِ يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، كُلُّهُمْ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ". فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ (٢) إِلَّا هِيلَ عِنْدَ ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ (٣).
وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ لَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنَّ عَبَّادَ بْنَ رَاشِدٍ التَّمِيمِيَّ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا، وَلَكِنْ ضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٤) إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٥) كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ". قَالَ: "فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَج بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ: فَلَانٌ. فَيَقُولُونَ: مَرْحَبًا بِالرُّوحِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ" قَالَ: فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ، حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وغَسَّاق، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٍ. فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَيُقَالُ: فَلَانٌ، فَيُقَالُ: لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً، فَإِنَّهُ لَا تُفْتَحُ (٦) لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ. فَيُرْسَلُ (٧) مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ يَصِيرُ (٨) إِلَى الْقَبْرِ"، فَيَجْلِسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَيُقَالُ لَهُ مِثْلَ مَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَيَجْلِسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فَيُقَالُ لَهُ مِثْلَ مَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ (٩) بِنَحْوِهِ (١٠).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ، تَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يَصْعَدَانِ بِهَا. قَالَ حَمَّادٌ: فَذَكَرَ مَنْ طِيبِ رِيحِهَا وَذَكَرَ الْمِسْكَ. قَالَ: وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: رُوحٌ طَيِّبَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَل الْأَرْضِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى جَسَد كُنْتِ تَعْمُرينه، فيُنطَلَقُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الْأَجَلِ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ. قَالَ حَمَّادٌ: وَذَكَرَ مِنْ
(٢) في ت: "مطرقة".
(٣) المسند (٣/٣).
(٤) في ت، أ: "عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال".
(٥) في ت، أ: "الطيبة".
(٦) في ت، أ: "يفتح".
(٧) في ت: "فترسل".
(٨) في ت: "تصير".
(٩) في ت: "ابن أبي ذهاب" وفي أ: "ابن أبي ذر".
(١٠) المسند (٢/٣٦٤) وسنن ابن ماجة برقم (٤٢٦٢) وقال البوصيرى في الزوائد (٣/٣١١) :"هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".