وَقَالَ عُرْوَة، والسُّدِّي، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ﴾ قَالَ: هُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ الْمُجَاهِدُونَ، مَنْ كَانُوا، وَحَيْثُ كَانُوا.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مَا كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَا كَانُوا يُعَامِلُونَهُ بِهِ، فَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ (١) بْنُ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وحُجْر بْنُ عَنْبَس، ونُبَيْط بْنُ شُرَيْط، وَقَتَادَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هُوَ الصَّفِيرُ -وَزَادَ مُجَاهِدٌ: وَكَانُوا يُدْخِلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: المُكَاء: الصَّفِيرُ عَلَى نَحْوِ طَيْرٍ أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ: "المُكَاء"، وَيَكُونُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ.
وَالتَّصْدِيَةُ: التَّصْفِيقُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلاد سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَّادٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيَّ -حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ (٢) عُرَاةً تُصَفِّرُ وَتُصَفِّقُ. وَالْمُكَاءُ: الصَّفِيرُ، وَإِنَّمَا شُبِّهُوا بِصَفِيرِ الطَّيْرِ وَتَصْدِيَةِ التَّصْفِيقِ.
وَهَكَذَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ والعَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالضَّحَّاكِ، وقَتَادَةَ، وَعَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وحُجْر بْنِ عَنْبَس، وَابْنِ أبزَى نَحْوُ هَذَا.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ، حَدَّثَنَا قُرَّة، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾ قَالَ: الْمُكَاءُ: الصَّفِيرُ. وَالتَّصْدِيَةُ: التَّصْفِيقُ. قَالَ قُرَّةُ: وحَكَى لَنَا عَطِيَّةُ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ، فَصَفَّرَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَمَالَ خَدَّهُ، وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَضَعُونَ خُدُودَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ ويُصَفِّقُون ويُصَفِّرُون. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدِهِ عَنْهُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عَلَى الشِّمَالِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: وَإِنَّمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ذَلِكَ لِيَخْلِطُوا بِذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِلَاتَهُ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يَسْتَهْزِئُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ: ﴿وَتَصْدِيَة﴾ قَالَ: صدُّهم النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، عَزَّ وجل.
(٢) في ك: "البيت".