نُزُولِهَا مَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُونَ، فَقَالَ: "اذْكُرُوا الْجَنَّةَ، وَاذْكُرُوا النَّارَ". فَنَزَلَتْ: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ﴾ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَهُوَ مُرْسَلٌ (١)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمَكِّيِّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْبَابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ بَنُو شَيْبَةَ، فَقَالَ: "أَلَا أَرَاكُمْ تَضْحَكُونَ؟ " ثُمَّ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَجَرِ رَجَعَ إِلَيْنَا الْقَهْقَرَى، فَقَالَ: "إِنِّي لَمَّا خَرَجْتُ جَاءَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (٢) لِمَ تُقَنِّطُ (٣) عِبَادِي؟ ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ﴾ (٤)
وَقَالَ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ الْعَبْدُ قَدْرَ عَفْوِ اللَّهِ لَمَا تَوَرَّعَ مِنْ حَرَامٍ، وَلَوْ يَعْلَمُ قَدْرَ عِقَابِهِ لَبَخَعَ نَفْسَهُ" (٥)
﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (٥١) ﴾
(٢) في أ: "يقول الله".
(٣) في ت: "يقنط".
(٤) تفسير الطبري (١٤/٢٧).
(٥) رواه الطبري في تفسيره (١٤/٢٧) وابن أبي الدنيا في حسن الظن بالله برقم (٦٤) من طريق سعيد به مرسلا، وروى موصولا نحوه عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري، أما حديث ابن عمر، فرواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن بالله برقم (٦٣) من طريق موسى عن عطية، عن ابن عمر مرفوعا: "لو تعلمون قدر رحمة الله عز وجل لا تكلتم وما عملتم من عمل، ولو علمتم قدر غضبه ما نفعكم شيء"، وحديث أبي سعيد، رواه البزار في مسنده ولفظه: "لو تعلمون قدر رحمة الله لا تكلتم - أحسبه قال: عليها". وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٣٨٤) :"إسناده حسن".
﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُون (٥٤) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (٥٥) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ (٥٦) ﴾
يَقُولُ (١) تَعَالَى: وَخَبِّرْهُمْ يَا مُحَمَّدُ عَنْ قِصَّةِ ﴿ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ وَالضَّيْفُ: يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، كَالزَّوْرِ والسُّفْر -وَكَيْفَ ﴿دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ﴾ أَيْ: خَائِفُونَ.
وَقَدْ ذَكَرَ سَبَبَ خَوْفِهِ مِنْهُمْ لَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَى مَا قَرَّبَهُ لَهُمْ (٢) ضِيَافَةً، وَهُوَ الْعِجْلُ السَّمِينُ الْحَنِيذُ.
﴿قَالُوا لَا تَوْجَلْ﴾ أَيْ: لَا تَخَفْ، ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ٢٨] وَهُوَ إِسْحَاقُ، عَلَيْهِ السلام، كما تقدم في سورة هود.
(٢) في ت، أ: "إليهم".