شُرِعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ﴾ تَقْرِيرٌ لِلْمَعَادِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إِقَامَةِ السَّاعَةِ، فَإِنَّهُ الْخَلَّاقُ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ خَلْقُ مَا يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَلِيمُ بِمَا تَمَزَّقَ (١) مِنَ الْأَجْسَادِ، وَتَفَرَّقَ (٢) فِي سَائِرِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [يس: ٨١-٨٣].
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: كَمَا آتَيْنَاكَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، فَلَا تَنْظُرَنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا، وَمَا مَتَّعْنَا بِهِ أَهْلَهَا مِنَ الزَّهْرَةِ الْفَانِيَةِ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ، فَلَا تَغْبِطْهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ، وَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ حُزْنًا عَلَيْهِمْ فِي تَكْذِيبِهِمْ لَكَ، وَمُخَالَفَتِهِمْ دِينَكَ. ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشُّعَرَاءِ: ٢١٥] أَيْ: ألِن لَهُمْ جَانِبَكَ (٣) كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التَّوْبَةِ: ١٢٨]
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي السَّبْعِ الْمَثَانِي: مَا هِيَ؟
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: هِيَ السَّبْعُ الطُّوَل. يَعْنُونَ: الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمَائِدَةُ، وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ، وَيُونُسَ، نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
وَقَالَ سَعِيدٌ: بيَّن (٤) فِيهِنَّ الْفَرَائِضَ، وَالْحُدُودَ، وَالْقَصَصَ، وَالْأَحْكَامَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيَّنَ (٥) الْأَمْثَالَ والخَبَر والعِبَر (٦)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: ﴿الْمَثَانِي﴾ الْمُثَنَّى: (٧) الْبَقَرَةُ، وَآلُ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءُ، وَالْمَائِدَةُ، وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ، وَالْأَنْفَالُ وَبَرَاءَةُ (٨) سُورَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يُعْطهن أَحَدٌ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُعْطِيَ مُوسَى مِنْهُنَّ
ثِنْتَيْنِ. رَوَاهُ هُشَيْم، عَنِ الْحَجَّاجُ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ (٩) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ.
[وَ] (١٠) قَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُوتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي الطُّوَل، وَأُوتِيَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، سِتًّا، فَلَمَّا ألقى الألواح ارتفع (١١) اثنتان وبقيت أربع.
(٢) في ت، أ: "ويفرق"
(٣) في ت: "جنابك".
(٤) في ت، أ: "ثنى".
(٥) في ت، أ: "ثنى".
(٦) في ت: "الخير والشر".
(٧) في ت: "المبين".
(٨) في ت: "وبراءة والأنفال".
(٩) في ت: "العيزان".
(١٠) زيادة من ت، أ:
(١١) في ت، أ: "رفعت".