نَزَلَتْ، حِينَ اخْتَلَفْنَا فِي النَّفَلِ، وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقُنَا، فَانْتَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَيْدِينَا، وَجَعَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ بَوَاءٍ -يَقُولُ: عَنْ سَوَاءٍ (١)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا أَبُو (٢) إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ (٣) بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَالْتَقَى النَّاسُ، فَهَزَمَ اللَّهُ [تَعَالَى] (٤) الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، وَأَكَبَّتْ (٥) طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ يَحْوُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ. وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ، وَفَاءَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ. وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهِ مِنَّا، نَحْنُ مَنَعْنَا (٦) عَنْهَا (٧) الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ. وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا، نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، فَاشْتَغَلْنَا بِهِ، فَنَزَلَتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ -وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا غَارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ نَفَّلَ الرُّبُعَ، فَإِذَا أَقْبَلَ وَكُلَّ النَّاسِ رَاجِعًا، نَفَّلَ الثُّلُثَ، وَكَانَ يَكْرَهُ الْأَنْفَالَ وَيَقُولُ: "لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بِهِ نَحْوَهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ (٨) وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ -وَاللَّفْظُ لَهُ -وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، فَتَسَارَعَ (٩) فِي ذَلِكَ شُبَّانُ الرِّجَالِ، وَبَقِيَ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرَّايَاتِ، فَلَمَّا كَانَتِ الْمَغَانِمُ، جَاءُوا يَطْلُبُونَ الَّذِي جُعِلَ لَهُمْ، فَقَالَ الشُّيُوخُ: لَا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْنَا، فَإِنَّا كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ، لَوِ انْكَشَفْتُمْ لَفِئْتُمْ (١٠) إِلَيْنَا. فَتَنَازَعُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَالِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَطِيعُوااللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (١١)
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عباس قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ الله
(٢) في م، د: "ابن".
(٣) في أ: "عباس".
(٤) زيادة من د، م.
(٥) في د: "وأقبلت".
(٦) في د، ك، م، أ: "نفينا".
(٧) في د: "عنه".
(٨) المسند (٥/٣٢٤) وسنن الترمذي برقم (١٥٦١) وسنن ابن ماجة برقم (٢٨٥٢) وصحيح ابن حبان برقم (١٦٩٣) "موارد". والمستدرك (٢/١٣٦).
(٩) في جميع النسخ: "فتنازع"، والمثبت من الطبري
(١٠) في د: "لنتبتم".
(١١) سنن أبي داود برقم (٢٧٣٧) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١١٩٧) وتفسير الطبري (١٣/٣٦٨) والمستدرك (٢/٣٢٦)