وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَجِدُ صِفَةَ الْمُنَافِقِينَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: شَرَّابِينَ لِلْقَهَوَاتِ تَرَّاكِينَ (١) لِلصَّلَوَاتِ، لَعَّابِينَ بِالْكَعَبَاتِ، رَقَّادِينَ عَنِ الْعَتَمَاتِ، مُفَرِّطِينَ فِي الْغَدَوَاتِ، تَرَّاكِينَ لِلْجُمُعَاتِ (٢) قَالَ: ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: عَطَّلُوا الْمَسَاجِدَ، وَلَزِمُوا الضَّيْعَاتِ.
وَقَالَ أَبُو الْأَشْهَبِ العُطَارِدي: أَوْحَى اللَّهُ -تَعَالَى-إِلَى دَاوُدَ: يَا دَاوُدُ، حَذّر وَأَنْذِرْ أَصْحَابَكَ أَكْلَ الشَّهَوَاتِ؛ فَإِنَّ الْقُلُوبَ المعَلقة بِشَهَوَاتِ الدُّنْيَا عُقُولُهَا عَنِّي مَحْجُوبَةٌ، وَإِنَّ أَهْوَنَ مَا أَصْنَعُ بِالْعَبْدِ مِنْ عَبِيدِي إِذَا آثَرَ شَهْوَةً مِنْ شَهَوَاتِهِ عَلَيَّ (٣) أَنْ أَحْرِمَهُ طَاعَتِي.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا أَبُو [السَّمْحِ] (٤) التَّمِيمِيُّ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ (٥)، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ (٦) بْنَ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي اثْنَتَيْنِ: الْقُرْآنَ [وَاللَّبَنَ، أَمَّا اللَّبَنُ] (٧) فَيَتَّبِعُونَ الرِّيفَ، وَيَتِّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ وَيَتْرُكُونَ الصَّلَوَاتِ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَيَتَعَلَّمُهُ الْمُنَافِقُونَ، فَيُجَادِلُونَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ" (٨).
وَرَوَاهُ عَنْ حَسَنِ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ (٩) لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو قَبِيلٍ، عَنْ عُقْبَةَ، بِهِ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ تَفَرَّدَ بِهِ (١٠).
وَقَوْلُهُ: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ أَيْ: خُسْرَانًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: شَرًّا.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعي، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ قَالَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ، بَعِيدُ الْقَعْرِ، خَبِيثُ الطَّعْمِ.
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ قَالَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زَيَّانَ، حَدَّثَنَا شَرْقِيُّ بْنُ قَطَامِيِّ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: جِئْتُ أَبَا أُمَامَةَ صُدَيّ بْنَ (١١) عَجْلان الْبَاهِلِيَّ فَقُلْتُ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَدَعَا بِطَعَامٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ صَخْرَةً زِنَةَ عَشْرِ (١٢) أَوَاقٍ قُذِفَ بِهَا مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ، ما بلغت قعرها خمسين خريفًا،
(٢) في أ: "للجماعات".
(٣) في أ: "عليه".
(٤) زيادة من ف، أ، والمسند.
(٥) في أ: "عن ابن قنبل".
(٦) في ت: "عبد الله".
(٧) في هـ، ، ت ف، أ: "الكنى، وأما الكنى" والمثبت في المسند.
(٨) المسند (٤/١٥٦) والمراد باللبن كما قال الحربي: "أظنه أراد يتباعدون عن الأمصار وعن صلاة الجماعة، ويطلبون مواضع اللبن في المراعي والبوادي".
(٩) في ت: "أبي".
(١٠) المسند (٤/١٤٦).
(١١) في ت: "حدثني".
(١٢) في ف: "عشر عشر"، وفي أ: "عشر عشراوات".