طَرِيقٌ أُخْرَى:
قَالَ [الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصفَّار، حَدَّثَنَا دُبَيْس المُعدَّل، حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا] (١) حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا أُسْرِيَ بِي، مَرَّتْ بِي رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ؟ قَالُوا: مَاشِطَةُ بِنْتُ فِرْعَوْنَ وَأَوْلَادُهَا، سَقَطَ مُشْطُهَا مِنْ يَدِهَا فَقَالَتْ: بِاسْمِ اللَّهِ: فَقَالَتِ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ: أَبِي؟ قَالَتْ: رَبِّي وَرَبُّكِ وَرَبُّ أَبِيكِ. قَالَتْ: أَوَلَكِ رَبٌّ غَيْرُ أَبِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، رَبِّي وَرَبُّكِ وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ". قَالَ: "فَدَعَاهَا فَقَالَ: أَلَكِ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ". قَالَ: "فَأَمَرَ بِنَقْرَةٍ (٢) مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا لِتُلْقَى فِيهَا، قَالَتْ: إِنَّ لِي [إِلَيْكَ] (٣) حَاجَةً. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَتْ: تَجْمَعُ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي مَوْضِعٍ، قَالَ (٤) ذَاكَ لَكِ، لِمَا لَكِ عَلَيْنَا مِنَ الْحَقِّ"، قَالَ: "فَأَمَرَ بِهِمْ فَأُلْقُوا وَاحِدًا وَاحِدًا، حَتَّى بَلَغَ رَضِيعًا فِيهِمْ، فَقَالَ: يَا أُمَّهْ، قِعِي وَلَا تَقَاعَسِي، فَإِنَّكِ (٥) عَلَى الْحَقِّ". قَالَ: "وَتَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ: هَذَا، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ" (٦).
إِسْنَادٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ.
طَرِيقٌ أُخْرَى:
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ [أَيْضًا] (٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَرَوْحٌ الْمَعْنِيُّ (٨) قَالَا حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ زُرَارة بْنِ أَوْفَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، فَظِعْتُ [بِأَمْرِي] (٩) وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِي" فَقَعَدَ (١٠) مُعْتَزِلًا حَزِينًا، فَمَرَّ بِهِ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ (١١) فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ" قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ "إِنِّي أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلَةَ": قَالَ إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ" قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟! قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَلَمْ يُرِهِ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ إِنْ دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ أَتُحَدِّثُهُمْ بِمَا حَدَّثْتَنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ". قَالَ: هَيَّا (١٢) مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، قَالَ: فَانْتَفَضَتْ (١٣) إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا. قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلَةَ". فَقَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ" قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُتَعَجِّبًا لِلْكَذِبِ -زَعَمَ-قَالُوا: وَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ [لَنَا] (١٤) الْمَسْجِدَ -وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ-قَالَ (١٥) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ" قَالَ: "فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عقيل -أو عقال-فَنَعتُّه
(٢) في ت، ف، أ: "ببقرة".
(٣) زيادة من أ، والدلائل.
(٤) في ف: "فقال".
(٥) في ف: "فأنا".
(٦) دلائل النبوة (٢/٣٨٩) ورواه البزار في مسنده برقم (٥٤) "كشف الأستار" من طريق عفان به وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
(٧) زيادة من ف، أ.
(٨) في ف، أ: "وروح بن المعين".
(٩) زيادة من ت، ف، أ، والمسند.
(١٠) في ت، ف: "فقعدت"، وفي أ: "فعدت".
(١١) في ف، أ: "أبو جهل قبحه الله".
(١٢) في ف، أ: "فيا".
(١٣) في ت، ف: "فانقضت".
(١٤) زيادة من ت، ف، أ، والمسند.
(١٥) في ف: "فقال".