وَقَوْلُهُ: ﴿تَابَ﴾ أَيْ: رَجَعَ عَمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ كُفْرٍ أَوْ شِرْكٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَآمَنَ﴾ أَيْ: بِقَلْبِهِ (١) ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ أَيْ: بِجَوَارِحِهِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ اهْتَدَى﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ ثُمَّ لَمْ يُشَكِّكْ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ﴿ثُمَّ اهْتَدَى﴾ أَيِ: اسْتَقَامَ عَلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. ورُوي نَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿ثُمَّ اهْتَدَى﴾ أَيْ: لَزِمَ الْإِسْلَامَ حَتَّى يَمُوتَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: ﴿ثُمَّ اهْتَدَى﴾ أَيْ: عَلِمَ أَنَّ لِهَذَا (٢) ثَوَابًا.
وَثُمَّ هَاهُنَا لِتَرْتِيبِ الْخَبَرِ عَلَى الْخَبَرِ، كَقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾ [الْبَلَدِ: ١٧].
﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (٨٣) قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) ﴾

(١) في ف: "قلبه".
(٢) في ف: "هذا".

﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا (٨٩) ﴾.
لَمَّا سَارَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ، وَافَوْا (١) ﴿عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٣٨، ١٣٩] وَوَاعَدَهُ رَبُّهُ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً ثُمَّ أَتْبَعَهَا (٢) لَهُ عَشْرًا، فَتَمَّتْ [لَهُ] (٣) أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، أَيْ: يَصُومُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ "الْفُتُونِ" بَيَانُ ذَلِكَ. فَسَارَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مُبَادِرًا إِلَى الطُّورِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخَاهُ هَارُونَ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي﴾ أَيْ: قَادِمُونَ يَنْزِلُونَ قَرِيبًا مِنَ الطُّورِ، ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ أَيْ: لِتَزْدَادَ عَنِّي رِضًا، ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ أَخْبَرَ تَعَالَى نَبَيَّهُ مُوسَى بِمَا كَانَ بَعْدَهُ مِنَ الْحَدَثِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَعِبَادَتِهِمُ الْعَجَلَ الَّذِي عَمِلَهُ لهم ذلك
(١) في ف، أ: "وأتوا".
(٢) في ف، أ: "أتمها".
(٣) زيادة من ف، أ.


الصفحة التالية
Icon