ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَمَنْ معك؟ قال: محمد. قالوا: أوقد أُرْسِلَ (١) إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: حَيَّاهُ (٢) اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الْأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. ثُمَّ دَخَلَ فَإِذَا هُوَ بَرَجُلٍ جَالِسٍ وَحَوْلَهُ قَوْمٌ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ، قَالَ: "مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ وَمَنْ هَؤُلَاءِ حَوْلَهُ؟ " قَالَ: هَذَا هَارُونُ الْمُحَبَّبُ [فِي قَوْمِهِ] (٣) وَهَؤُلَاءِ بَنُو إِسْرَائِيلَ.
ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: (٤) مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قَالُوا: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالُوا: أوقد أُرْسِلَ؟ (٥) قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الْأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ (٦). فَإِذَا هُوَ بَرَجُلٍ جَالِسٍ فَجَاوَزَهُ فَبَكَى الرَّجُلُ، فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَذَا؟ " قَالَ: مُوسَى، قَالَ: "فَمَا بَالُهُ (٧) يَبْكِي؟ " قَالَ: زَعَمَ (٨) بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنِّي أَكْرَمُ بَنِي آدَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ قَدْ خَلَفَنِي فِي دُنْيَا، وَأَنَا فِي أُخْرَى، فَلَوْ أَنَّهُ بِنَفْسِهِ لَمْ أُبَالِ، وَلَكِنْ مَعَ كُلِّ نَبِيٍّ أُمَّتُهُ.
قَالَ: ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ معك؟ قال: محمد. قالوا: أوقد أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَمِنْ خَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الْأَخُ وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. قَالَ: فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَشْمَطَ جَالِسٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ عَلَى كُرْسِيٍّ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ جُلُوسٌ بِيضُ الْوُجُوهِ أَمْثَالُ الْقَرَاطِيسِ، وَقَوْمٌ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، فَقَامَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ فَدَخَلُوا نَهْرًا فَاغْتَسَلُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ (٩) خَلَصَ مِنْ أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ ثُمَّ دَخَلُوا نَهْرًا آخَرَ فَاغْتَسَلُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَ [مِنْ] (١٠) أَلْوَانِهِمْ [شَيْءٌ ثُمَّ دَخَلُوا نَهْرًا آخَرَ فَاغْتَسَلُوا فِيهِ، فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَتْ أَلْوَانُهُمْ] (١١) فَصَارَتْ مِثْلَ أَلْوَانِ أَصْحَابِهِمْ، فَجَاءُوا فَجَلَسُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ، فَقَالَ: "يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا الْأَشْمَطُ؟ ثُمَّ مَنْ هَؤُلَاءِ الْبِيضُ الْوُجُوهِ؟ وَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ؟ وَمَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ الَّتِي دَخَلُوا فِيهَا فَجَاءُوا وَقَدْ صَفَت أَلْوَانُهُمْ؟ " قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (١٢) أَوَّلُ مَنْ شَمِطَ عَلَى الْأَرْضِ. وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْبِيضُ الْوُجُوهِ فَقَوْمٌ لَمْ يَلْبَسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ. وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ، فَقَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، فَتَابُوا فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا الْأَنْهَارُ فَأَوَّلُهَا رَحْمَةُ اللَّهِ، وَالثَّانِي نِعْمَةُ اللَّهِ، وَالثَّالِثُ سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا.
قَالَ: ثُمَّ انْتَهَى إِلَى السِّدْرَةِ فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ السِّدْرَةُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ خَلَا مِنْ أُمَّتِكَ عَلَى سُنَّتِكَ. فَإِذَا هِيَ شَجَرَةٌ يَخْرُجُ مَنْ أَصْلِهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لذة للشاربين، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وَهِيَ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ عَامًا لَا يَقْطَعُهَا. وَالْوَرَقَةُ مِنْهَا مُغَطِّيَةٌ لِلْأُمَّةِ كُلِّهَا. قَالَ: فَغَشِيَهَا نُورُ الْخَلَّاقِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَغَشِيَتْهَا (١٣) الْمَلَائِكَةُ أَمْثَالَ الْغِرْبَانِ حِينَ يَقَعْنَ (١٤) عَلَى الشَّجَرَةِ قَالَ: فَكَلَّمَهُ الله عند ذلك (١٥)
(٢) في ف، أ: "قالوا: مرحبا به حياه".
(٣) زيادة من ف، ت، أ، والطبري.
(٤) في ف: "فقيل".
(٥) في ف، أ: "أرسل إليه".
(٦) في ت، ف، أ: "المجيء جاء".
(٧) في ت: "فما له".
(٨) في ت، أ: "يزعم".
(٩) في ت: "قد".
(١٠) زيادة من ف، أ، والطبري.
(١١) زيادة من ت، ف، أ، والطبري.
(١٢) زيادة من ف، أ.
(١٣) في ت: "وغشيها".
(١٤) في ت، ف، أ: "حتى تقع".
(١٥) في ت: "فكلمه يعني عند ذلك".