أُمَّتَكَ أَضْعَفُ الْأُمَمِ وَقَدْ لَقِيتُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِدَّةً، قَالَ: "قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، فَمَا أَنَا بِرَاجِعٍ إِلَيْهِ"، قِيلَ: أَمَا إِنَّكَ كَمَا صَبَّرْتَ نَفْسَكَ عَلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ، فَإِنَّهُنَّ يَجْزِينَ عَنْكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، فَإِنَّ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. قَالَ: فَرَضِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ الرِّضَا، قَالَ: وَكَانَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مِنْ أَشَدِّهِمْ عَلَيْهِ حِينَ مَرَّ بِهِ وَخَيْرِهِمْ لَهُ حِينَ رَجَعَ إِلَيْهِ (١).
ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَوْ غَيْرِهِ -شَكَّ أَبُو جَعْفَرٍ-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ (٢).
وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَالِينِيِّ، عَنِ ابْنِ عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ السَّكُوني الْبَالِسِيِّ بِالرَّمْلَةِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ (٣)، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الْحَاكِمَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رَوَاهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّعَرَانِيِّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ مَاهَانَ -يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ-عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أبي العالية، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَهُ (٤).
وَقَالَ: ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَ أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ (٥) -يَعْنِي: أَبَا جَعْفَرٍ الرَّازِيَّ-عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ الْبَكْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَوْ غَيْرِهِ -شَكَّ عِيسَى-، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قَالَ اللَّهُ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى] (٦) ﴾ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ كَنَحْوٍ مِمَّا سُقْنَاهُ.
قُلْتُ: "أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ" قَالَ فِيهِ الْحَافِظُ أَبُو زُرْعَةَ: "الرَّازِيُّ يَهِمُ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا" وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا، وَوَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ سَيِّئُ الْحِفْظِ فَفِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ نَظَرٌ. وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ، وَفِيهِ (٧) شَيْءٌ مِنْ حَدِيثِ الْمَنَامِ مِنْ رِوَايَةِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ فِي الْمَنَامِ الطَّوِيلِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعًا مِنْ أَحَادِيثَ شَتَّى، أَوْ مَنَامٍ أَوْ قِصَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْإِسْرَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُسْرِيَ بِهِ: "لَقِيتُ مُوسَى" قَالَ: فَنَعَتَهُ فَإِذَا رَجُلٌ -حَسِبْتُهُ قَالَ:-مُضْطَرِبٌ، رَجْل الرَّأْسِ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ. قَالَ: "وَلَقِيتُ عِيسَى" -فَنَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-رَبْعَةٌ (٨) أَحْمَرُ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ -يَعْنِي حَمَّامٍ. قَالَ: "وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ". قَالَ: "وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ خَمْرٌ، قِيلَ لِي: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَشَرِبْتُ، فَقِيلَ لِي: هُدِيتَ الْفِطْرَةَ -أَوْ: أَصَبْتَ الفطرة-أما إنك لو
(٢) تفسير الطبري (١٥/١٠).
(٣) دلائل النبوة (٢/٢٩٦، ٢٩٧).
(٤) دلائل النبوة (٢/٣٩٧).
(٥) في ت: "اليمني".
(٦) زيادة من ت.
(٧) في ت: "فيه".
(٨) في ت، أ: "قال: ربعة".