السِّيَاقِ، فَلْيَكْتُبْ هَاهُنَا (١).
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي المُسَاور، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ فِي بَيْتِي، فَفَقَدْتُهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَامْتَنَعَ مِنِّي النَّوْمُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ عَرَضَ لَهُ بَعْضُ قُرَيْشٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَتَانِي فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَخْرَجَنِي، فَإِذَا عَلَى الْبَابِ دَابَّةٌ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهَا، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَرَانِي إِبْرَاهِيمَ يُشْبِهُ خَلْقُهُ خَلْقِي، وَيُشْبِهُ خَلْقِي خَلْقَهُ، وَأَرَانِي مُوسَى آدَمَ طَوِيلًا سَبْطَ الشَّعْرِ، شَبَّهْتُهُ بِرِجَالِ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وَأَرَانِي عيسى ابن مَرْيَمَ رَبْعة أَبْيَضَ يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ، شَبَّهْتُهُ بِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ، وَأَرَانِي الدَّجَّالَ مَمْسُوحَ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، شَبَّهْتُهُ بِقَطَنِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى"

(١) كذا ولم أجد فى النسخ إثباته، وقد رواه أبو يعلى فى معجم شيوخه برقم (١٠) قال: "حدثنا محمد بن إسماعيل الوساوسي، حدثنا ضمرة بن ربيعة، حدثنا يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنْ أم هانئ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بغلس، فجلس، وأنا على فراشي، فقال: "شعرت أنى بت الليلة فى المسجد الحرام، فأتاني جبريل، فذهب بى إلى باب المسجد، فإذا بدابة أبيض، فوق الحمار، ودون البغل، مضطرب الأذنين، فركبت وكان يضع حافره مد بصره، إذا أخذني فى هبوط طالت يداه وقصرت رجلاه، وإذا أخذني في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه، وجبريل لا يفوتني، حتى انتهينا إلى بيت المقدس، فأوثقته بالحلقة التى كانت الأنبياء توثق بها، فنشر لي رهط من الأنبياء، منهم إبراهيم، وموسى، وعيسى، فصليت بهم، وكلمتهم، وأتيت بإناءين أحمر وأبيض، فشربت الأبيض، فقال لي جبريل: شربت اللبن، وتركت الخمر، لو شربت الخمر لارتدت أمتك. ثم ركبته، فأتيت المسجد الحرام وصليت به الغداة" قالت: فعلقت بردائه: أنشدك الله يا ابن عمى! أن تحدث بهذا قريشا، فيكذبك من صدقك. فضرب بيده على ردائه، فانتزعه من يدى، فارتفع عن بطنه، فنظرت إلى عكنه، فوق إزاره كأنها طى القراطيس، فإذا نور ساطع عند فؤاده، كاد يخطف بصري، فخررت ساجدة، فلما رفعت رأسي إذا هو قد خرج، فقلت لجاريتي نبعة: ويحك اتبعيه، فانظرى ماذا يقول، وماذا يقال له؟ فلما رجعت نبعة، أخبرتني أن رسول الله ﷺ انتهى إلى نفر من قريش، فى الحطيم، فيهم المطعم بن عدي، وعمرو بن هشام، والوليد بن المغيرة، فقال: "إنى صليت الليلة العشاء فى هذا المسجد، وصليت به الغداة، وأتيت فيما دون ذلك بيت المقدس، فنشر لي رهط من الأنبياء منهم إبراهيم، وموسى، وعيسى، وصليت بهم وكلمتهم".
فقال عمرو بن هشام كالمستهزئ به: صفهم لي، فقال: "أما عيسى، ففوق الربعة، ودون الطول، عريض الصدر، ظاهر الدم، جعد، أشعر تعلوه صهبة، كأنه عروة بن مسعود الثقفي. وأما موسى، فضخم آدم، طوال، كأنه من رجال شنوءة، متراكب الأسنان، مقلص الشفة، خارج اللثة، عابس. وأما إبراهيم فوالله إنه لأشبه الناس بي، خلقا، وخلقا". قال: فضجوا، وأعظموا ذلك، فقال المطعم بن عدي: كل أمرك كان قبل اليوم، كان أمما غير قولك اليوم، أما أنا، فأشهد أنك كاذب، نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس، نصعد شهرا، ونحدر شهرا، تزعم أنك أتيته فى ليلة، واللات والعزى لا أصدقك، وما كان الذى تقول قط. وكان للمطعم بن عدي حوض على زمزم أعطاه إياه عبد المطلب، فهدمه وأقسم باللات والعزى لا يسقى قطرة أبدا، فقال أبو بكر: يا مطعم، بئس ما قلت لابن أخيك جبهته وكذبته، أنا أشهد أنه صادق، فقالوا: يا محمد، فصف لنا بيت المقدس، قال: "دخلت ليلا وخرجت منه ليلا". فأتاه جبريل بصورته فى جناحه، فجعل يقول: "باب منه كذا، فى موضوع كذا، وباب منه كذا، فى موضع كذا"، وأبو بكر يقول: صدقت، قالت نبعة: فسمعت رسول الله ﷺ يقول يومئذ: "يا أبا بكر، إنى قد سميتك (الصديق) ". قالوا: يا مطعم، دعنا نسأله عما هو أغنى لنا من بيت المقدس. يا محمد، أخبرنا عن عيرنا، فقال: "أتيت على عير بنى فلان بالروحاء، قد أضلوا ناقة لهم، فانطلقوا فى طلبها، فانتهيت إلى رحالهم، ليس بها منهم أحد، وإذا قدح ماء، فشربت منه، فاسألوهم عن ذلك " قالوا: هذه والإله آية. "ثم انتهيت إلى عير بنى فلان، فنفرت منى الإبل، وبرك منها جمل أحمر، عليه جوالق محيط ببياض، لا أدرى أكسر البعير، أم لا، فاسألوهم عن ذلك" قالوا: هذه والإله آية "ثم انتهيت إلى عير بنى فلان فى التنعيم، يقدمها جمل أورق، وها هى ذه يطلع عليكم من الثنية". فقال الوليد بن المغيرة: ساحر، فانطلقوا فنظروا، فوجدوا الأمر كما قال. فرموه بالسحر، وقالوا: صدق الوليد بن المغيرة فيما قال، فأنزل الله عز وجل: "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن" (الإسراء: ٦٠) قلت لأم هانئ: ما الشجرة الملعونة فى القرآن؟ قالت: الذين خوفوا فلم يزدهم التخويف إلا طغيانا وكفرا".


الصفحة التالية
Icon