وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ، مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ. فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ ليُطِعنّه (١) فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنِ ادْخُلُوا النَّارَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا" (٢).
وَبِالْإِسْنَادِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: "مَنْ (٣) دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا" (٤).
وَكَذَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ، مِنْ حَدِيثِ حَنْبَلِ (٥) بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيِّ، بِهِ (٦) وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ يُدْلِي عَلَى اللَّهِ بِحُجَّةٍ" فَذَكَرَ نَحْوَهْ (٧).
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ مَعْمَر، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا، ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ (٨).
وَكَذَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفًا.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانٍ (٩) قَالَ: قُلْنَا لِأَنَسٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا تَقُولُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَيِّئَاتٌ فَيُعَذَّبُوا (١٠) بِهَا فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُجَازُوا بِهَا فَيَكُونُوا مَنْ مُلُوكِ أَهْلِ الْجَنَّةِ هُمْ مَنْ خَدَمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ" (١١).
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا:
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْث، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُؤْتَى بِأَرْبَعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: بِالْمَوْلُودِ، وَالْمَعْتُوهِ، وَمَنْ مَاتَ فِي الفَتْرَة، وَالشَّيْخِ الْفَانِي الْهَرِمِ، كُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِهِ، فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعُنُقٍ مِنَ النَّارِ: ابْرُزْ. وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنِّي كُنْتُ أَبْعَثُ إِلَى عِبَادِي رُسُلًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنِّي رَسُولُ نَفْسِي إِلَيْكُمُ ادْخُلُوا هَذِهِ. قَالَ: فَيَقُولُ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ: يَا رَبِّ، أَنَّى نَدْخُلُهَا وَمِنْهَا كُنَّا نَفِرُّ؟ قَالَ: وَمَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ السَّعَادَةُ يَمْضِي فَيَقْتَحِمُ فِيهَا مُسْرِعًا، قَالَ: فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنْتُمْ لِرُسُلِي أَشَدُّ تَكْذِيبًا وَمَعْصِيَةً، فَيُدْخِلُ هؤلاء الجنة، وهؤلاء النار".

(١) في ت، ف: "لتطيعنه".
(٢) المسند (٤/٢٤) وقال الهيثمي في المجمع (٧/٢١٦) :"رجاله رجال الصحيح".
(٣) في ف: "فمن".
(٤) المسند (٤/٢٤) وقال الهيثمي في المجمع (٧/٢١٦) :"رجاله رجال الصحيح".
(٥) في ف، أ: "أحمد".
(٦) الاعتقاد (ص١٦٩).
(٧) رواه ابن أبي عاصم في السنة برقم (٤٠٤) من طريق الحسن بن موسى، عن حماد بن سلمة به.
(٨) تفسير الطبري (١٥/٤١).
(٩) في ف: "زيد هو أبان".
(١٠) في ت: "ليعذبوا".
(١١) رواه أبو نعيم في الحلية (٦/٣٠٨) من طريق سفيان الثوري، عن الربيع بن صبيح به، وضعفه الحافظ ابن حجر في الفتح (٣/٢٤٦) وله شواهد من حديث أبي سعيد الخدري، وسمرة بن جندب رضي الله عنهما. وكأن في متن الحديث نكاره لمخالفته ما ورد في الصحيحين أولا، ولأن الله وصف خدم أهل الجنة بالخلود فقال: (ويطوف عليهم ولدان مخلدان) [الإنسان: ١٩] وسيأتي تضعيف الحافظ ابن كثير له، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon