قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ [تَعَالَى] (١) :﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ [التَّوْبَةِ: ١١٣].
وَقَدْ جَاءَ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَمَّا صَعِدَ الْمِنْبَرَ قَالَ: "آمِينَ آمِينَ آمِينَ": فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَامَ أَمَّنْتَ؟ قَالَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ، قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ" (٢).
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْم، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، أَخْبَرَنَا زُرَارَة بْنُ أَوْفَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ -رَجُلٍ مِنْهُمْ -أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ، وَمَنْ أَعْتَقَ امْرَأً (٣) مُسْلِمًا كَانَ فَكَاكه مِنَ النَّارِ، يُجْزَى بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ".
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ -فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ أَوِ ابْنُ مَالِكٍ، وَزَادَ: "وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ" (٤).
حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى (٥) عَنْ مَالِكِ بْنِ عَمْرٍو الْقُشَيْرِيِّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً فَهِيَ فِدَاؤُهُ مِنَ النَّارِ، مَكَانَ كُلِّ عَظْم مِنْ عِظَامِهِ مُحَرّره بِعَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ ثُمَّ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ (٦) أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يُغْنِيَهُ اللَّهُ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" (٧).
حَدِيثٌ آخَرُ: وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى (٨) يُحَدِّثُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ مَالِكٍ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا ثُمَّ دَخَلَ النَّارَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ".
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عن شعبة به (٩) وفيه زيادات أخر.

(١) زيادة من ف، أ.
(٢) رواه البزار في مسنده برقم (٣١٦٨) "كشف الأستار" من طريق جعفر بن عون، عن سلمة بن وردان، عن أنس، رضي الله عنه، وقال: وسلمة صالح وله أحاديث يستوحش منها ولا نعلم روى أحاديث بهذه الألفاظ غيره. وجاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه مسلم في صحيحه برقم (٢٥٥١) وسيأتي. ومن حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه، رواه الحاكم في المستدرك (٤/١٥٣). ومن حديث عمار بن ياسر وجابر بن سمرة وابن مسعود وعبد الله بن الحارث رواها البزار في مسنده برقم (٣١٦٤ - ٣١٦٧).
(٣) في ت: "رجلا".
(٤) المسند (٤/٣٤٤).
(٥) في ت: "زراة بن أبي أوفى".
(٦) في ف، أ: "من".
(٧) المسند (٤/٣٤٤).
(٨) في ت: "زرارة بن أبي أوفى".
(٩) المسند (٤/٣٤٤).


الصفحة التالية
Icon