وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ هُوَ الْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ". وَفِي رِوَايَةٍ "رَأَيْتُ نُورًا". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ (١).
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ [النَّجْمِ: ٨]، إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ بِهَذَا (٢).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ البُناني، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَرَكِبْتُهُ فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ (٣) فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ. فَأَتَانِي (٤) جِبْرِيلُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ. قَالَ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ" قَالَ: "ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: (٥) وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ [قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ] (٦). فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عَرَج بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. فَقِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِابْنَيِ الْخَالَةِ يَحْيَى وَعِيسَى، فَرَحَّبَا بِي وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ. فَقِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ أرسل إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بيوسف، وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. فَقِيلَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إليه. ففتح الباب، فإذا أنا بإدريس، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٥٧].
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: [وَ] (٧) مَنْ مَعَكَ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ. فَقِيلَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أنا بهارون، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ (٨) وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. فَقِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بعث إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بموسى فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ.
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أنت؟ قال: جبريل. قيل: (٩) ومن
(٢) حديث عائشة: رواه البخاري في صحيحه برقم (٣٢٣٥) ومسلم في صحيحه برقم (١٧٧) وحديث ابن مسعود: رواه البخاري في صحيحه برقم (٤٨٥٦) ومسلم في صحيحه برقم (١٧٤) وحديث أبي هريرة: رواه مسلم في صحيحه برقم (١٧٥).
(٣) في ت، ف، أ: "تربط".
(٤) في ف، أ: "فجاءني".
(٥) في ت، ف، أ: "قيل".
(٦) زيادة من ت، ف، أ، هـ المسند.
(٧) زيادة من ت، ف، أ.
(٨) في ف، أ: "فقيل".
(٩) في ف: "فقيل".