فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ (١).
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّاد الْجَوْهَرِيُّ فِي كِتَابِ "الصِّحَاحِ فِي اللُّغَةِ:" الدَّيُّوث القُنذُع وَهُوَ الَّذِي لَا غَيرَةَ لَهُ (٢).
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ "النِّكَاحِ" مِنْ (٣) سُنَنِهِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّة، عَنْ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وغيره، عن هارون ابن رِئَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيد بْنِ عُمَيْرٍ -وَعَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -عبدُ الْكَرِيمِ رَفْعَهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهَارُونُ لَمْ يَرْفَعْهُ -قَالَا جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي امْرَأَةً [هِيَ] (٤) مِنْ أحبِّ النَّاسِ إِلَيَّ (٥) وَهِيَ لَا تَمْنَعُ يَدَ لامِس قَالَ: "طَلِّقْهَا". قَالَ: لَا صَبْرَ لِي عَنْهَا قَالَ: "اسْتَمْتِعْ بِهَا"، ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ الْكَرِيمِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَهَارُونُ أَثْبَتُ مِنْهُ، وَقَدْ أَرْسَلَ الْحَدِيثَ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَحَدِيثُهُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْكَرِيمِ. (٦).
قُلْتُ: وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ الْبَصْرِيُّ الْمُؤَدِّبُ تَابِعِيٌّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ خَالَفَهُ هَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، فَحَدِيثُهُ الْمُرْسَلُ أَوْلَى كَمَا قَالَ النَّسَائِيُّ. لَكِنْ قَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ "الطَّلَاقِ"، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شمَُيل (٧) عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيد بْنِ عُمَيْرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ مُسْنَدًا، فَذَكَرَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، رِجَالُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، إِلَّا أَنَّ النَّسَائِيَّ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لَهُ قَالَ: "وَهَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ مُرْسَلٌ" (٨) وَرَوَاهُ غَيْرُ النَّضْرِ عَلَى الصَّوَابِ.
وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَأَبُو دَاوُدَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيث، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقَدٍ، عَنْ عُمَارة بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ. وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ (٩).
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا بَيْنَ مُضَعِّف لَهُ، كَمَا تقدَّم، عَنِ النَّسَائِيِّ، وَكَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا سَخِيَّةٌ لَا تَمْنَعُ سَائِلًا. وَحَكَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ بَعْضِهِمْ فَقَالَ: وَقِيلَ: "سَخِيَّةٌ تُعْطِي"، ورُدّ هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادَ لَقَالَ: لا تَرُدّ يد ملتمس.
(٢) الصحاح (١/٢٨٢).
(٣) في ف، أ: "في.
(٤) زيادة من ف، أ، والنسائي.
(٥) في ف: "لي".
(٦) سنن النسائي (٦/٦٧)
(٧) في ف، أ: "إسماعيل".
(٨) سنن النسائي (٦/١٧٠).
(٩) سنن النسائي (٦/١٦٩).