حَدَّثَنَا أَبُو (١) جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولًا يُحَدِّثُ قَالَ: جَاءَ شَيْخٌ كَبِيرٌ هَرِمٌ قَدْ سَقَطَ (٢) حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ غَدَرَ وَفَجَرَ، وَلَمْ يَدَعْ حَاجَةً وَلَا دَاجَةَ إِلَّا اقْتَطَعَهَا بِيَمِينِهِ، لَوْ قُسِّمَتْ خَطِيئَتُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَوْبَقَتْهُمْ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (٣) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أسلمتَ؟ " قَالَ (٤) : أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ (٥) مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنَّ اللَّهَ غَافِرٌ لَكَ مَا كُنْتَ كَذَلِكَ، وَمُبْدِّلٌ (٦) سَيِّئَاتِكَ حَسَنَاتٍ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وغَدَراتي وفَجَراتي؟ فَقَالَ: "وغَدرَاتك وفَجَراتك". فَوَلّى الرَّجُلُ يُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ (٧) (٨).
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرو (٩)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ -شَطْب -أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: أَرَأَيْتَ رَجُلًا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا، وَلَمْ يَتْرُكْ حَاجَةً وَلَا دَاجَةً، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: "أسلمتَ؟ " فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَافْعَلِ الْخَيِّرَاتِ، وَاتْرُكِ السَّيِّئَاتِ، فَيَجْعَلَهَا (١٠) اللَّهُ لَكَ خَيْرَاتٍ كُلَّهَا". قَالَ: وغَدرَاتي وفَجَراتي؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ حَتَّى تَوَارَى (١١).
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي فَروة الرِّهَاوِيِّ، عَنْ يَاسِينَ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الحِمْصي، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ مَرْفُوعًا (١٢).
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعة، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ شُعَيْبِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ فُلَيْح الشَّمَّاسِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ (١٣) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ إِنِّي زَنَيْتُ وَوَلَدْتُ وَقَتَلْتُهُ. فَقُلْتُ (١٤) لَا وَلَا نَعمت الْعَيْنُ وَلَا كَرَامَةَ. فَقَامَتْ وَهِيَ تَدْعُو بِالْحَسْرَةِ. ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ مَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ وَمَا قَلْتُ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بِئْسَمَا قُلْتَ! أَمَا كُنْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ فَقَرَأْتُهَا عَلَيْهَا. فخرَّت سَاجِدَةً وَقَالَتِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي مَخْرَجًا.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي رِجَالِهِ مَنْ لَا يُعرف وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَاهُ ابن جرير من
(٢) في أ: "أسقطت".
(٣) في أ: "النبي".
(٤) في أ: "فقال".
(٥) في أ: "وأشهد أن".
(٦) في أ: "ويبدل".
(٧) في ف، أ: "يكبر ويهلل".
(٨) وقد وصله الإمام أحمد في مسنده (٤/٣٨٤) من طريق نوح بْنُ قَيْسٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ جَابِرٍ الْحُدَّانِيِّ عن مكحول عن عمرو بن عبسة به مرفوعا باختصار في أوله وآخره، وقال الهيثمي في المجمع (١/٣٢) :"رجاله موثقون إلا أنه من رواية مكحول عن عمرو بن عبسة، فلا أدري أسمع منه أم لا".
(٩) في أ: "عمر".
(١٠) في ف، أ: "فيجعلهم".
(١١) المعجم الكبير للطبراني (٧/٣١٤) ورواه الخطيب في تاريخ بغداد (٣/٣٥٢) من طريق أبي القاسم البغوي عن محمد بن هارون الحربي عن أبي المغيرة به. وقال أبو القاسم البغوي: "روى هذا الحديث غير محمد بن هارون عن أبي المغيرة عن صفوان عن عبد الرحمن بن جبير: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم طويلا شطب الممدود، وأحسب أن محمد بن هارون صحف فيه، والصواب ما قال غيره".
(١٢) المعجم الكبير للطبراني (٧/٥٣) وقال الهيثمي في المجمع (١/٣١) :"في إسناده ياسين الزيات يروي الموضوعات".
(١٣) في هـ، ف، أ: "عن فليح بن عبيد بن أبي عبيد الشماس عن أبيه" والمثبت من الطبري.
(١٤) في أ: "فقال".