انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ دُونَ مُسْلِمٍ. وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ -فِي التَّفْسِيرِ مِنْ سُنَنَيْهِمَا -مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ (١). وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: "حَسَنٌ صَحِيحٌ".
وَقَالَ (٢) الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: نَرَى هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ (٣).
انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ مِنْ طُرُقٍ آخَرُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ (٤) قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: عَمِيَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ سُميت بِهِ، لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بَدْرٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُيِّبْتُ (٥) عَنْهُ، لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ مَشْهَدًا فِيمَا بَعْدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَرَيَنَ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ. قَالَ: فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا، فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يَوْمَ] (٦) أُحُدٍ، فَاسْتَقْبَلَ سعدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ (٧) يَا أَبَا عَمْرٍو، أبِنْ. وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ، قَالَ: فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتل قَالَ: فَوُجد فِي جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ، فَقَالَتْ أُخْتُهُ -عَمَّتِي الرُّبَيّع ابْنَةُ النَّضْرِ (٨) -: فَمَا عرفتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ. قَالَ: فَنَزَلَتْ هذه الآية: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا﴾. قَالَ: فَكَانُوا يُرَون أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ، وَفِي أَصْحَابِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، بِهِ (٩). وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، بِهِ نَحْوَهُ (١٠).
وَقَالَ (١١) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عَمَّهُ -يَعْنِي: أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ -غَابَ عَنْ قِتَالِ بَدر، فَقَالَ: غُيّبتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالًا لِلْمُشْرِكِينَ، لَيَرَيَنّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي: أَصْحَابَهُ -وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ -ثُمَّ تَقَدَّمَ فَلَقِيَهُ سَعْدٌ -يَعْنِي: ابْنَ مُعَاذٍ -دُونَ أُحُدٍ، فَقَالَ: أَنَا مَعَكَ. قَالَ سَعْدٌ: فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَصْنَعَ مَا صَنَعَ. قَالَ: فَوُجِدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ ضَرْبَةَ سَيْفٍ، وطَعنةَ رُمْحٍ، وَرَمْيَةَ سَهْمٍ. وَكَانُوا (١٢) يَقُولُونَ: فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ [نَزَلَتْ] (١٣) :﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾

(١) صحيح البخاري برقم (٤٧٨٤) والمسند (٥/١٨٨) وسنن الترمذي برقم (٣١٠٤) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٤٠١).
(٢) في ت: "روى".
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٧٨٣).
(٤) في ت: "روى الإمام أحمد".
(٥) في ت: "غبت".
(٦) زيادة من ف، والمسند.
(٧) أنس بن النضر.
(٨) في ت: "عمة الربيع بنت النضر".
(٩) المسند (٤/١٩٣) وصحيح مسلم برقم (١٩٠٣) وسنن الترمذي رقم (٣٢٠٠).
(١٠) النسائي في السنن الكبرى برقم (١١٤٠٤) وتفسير الطبري (٢١/٩٣).
(١١) في ت: "وروى".
(١٢) في ت، ف، أ: "وطعنة برمح ورمية بسهم فكانوا".
(١٣) زيادة من ف.


الصفحة التالية
Icon