فَشَتَمُوهُ، فَلَّمَا قَامُوا قَالَ: اجْلِسْ حَتَّى أُخْبِرُكَ عَنِ الَّذِي شَتَمُوهُ، إِنِّي عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ فَأَلْقَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ كِسَاءً لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا؟ قَالَ: "وَأَنْتَ" قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوْثَقُ عَمَلِي عِنْدِي (١).
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ بن أبي رَبَاحٍ، حَدَّثَنِي مِنْ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ تَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَيْتِهَا، فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، بِبُرْمَةٍ فِيهَا خَزيرة، فَدَخَلَتْ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: "ادْعِي زَوْجَكِ وَابْنَيْكِ". قَالَتْ: فَجَاءَ عَلِيٌّ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَجَلَسُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تِلْكَ الْخَزِيرَةِ، وَهُوَ عَلَى منامةٍ لَهُ عَلَى دُكَّانٍ (٢) تَحْتَهُ كِسَاءٌ خَيْبَرِيٌّ، قَالَتْ: وَأَنَا فِي الْحُجْرَةِ أُصَلِّي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾. قَالَتْ: فَأَخَذَ فَضْلَ الْكِسَاءِ فَغَطَّاهُمْ بِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ فَأَلْوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا"، قَالَتْ: فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي الْبَيْتَ، فَقُلْتُ: وَأَنَا مَعَكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ، إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ" (٣).
فِي إِسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ (٤)، وَهُوَ شَيْخُ عَطَاءٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمُعَدِّلِ (٥)، عَنْ عَطِيَّةَ الطُّفَاوِيّ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ (٦) : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي يَوْمًا إِذْ قَالَ الْخَادِمُ: إِنَّ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا بِالسُّدَّةِ قَالَتْ: فَقَالَ لِي: "قُومِي فَتَنَحي عَنْ (٧) أَهْلِ بَيْتِي". قَالَتْ: فَقُمْتُ فَتَنَحَّيْتُ فِي الْبَيْتِ قَرِيبًا، فَدَخَلَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، وَمَعَهُمَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَهُمَا صَبِيَّانِ صَغِيرَانِ، فَأَخَذَ الصَّبِيَّيْنِ فَوَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ فقبَّلهما، وَاعْتَنَقَ عَلِيًّا بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَفَاطِمَةَ بِالْيَدِ الْأُخْرَى، وقَبَّل فَاطِمَةَ وقَبَّل عَلِيًّا، وَأَغْدَقَ عَلَيْهِمْ خَميصَة سَوْدَاءَ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ، إِلَيْكَ لَا إِلَى النَّارِ أَنَا وَأَهْلُ بَيْتِي". قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَ: "وَأَنْتِ" (٨).
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا [الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا] (٩) فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ؛ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي بَيْتِهَا: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قَالَتْ: وَأَنَا جَالِسَةٌ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقُلْتُ: يَا رسول
(٢) في ف: "وكان".
(٣) المسند (٦/٢٩٢) وقد سمى شيخ عطاء في رواية الطبراني في المعجم الكبير (٩/١١) فقال عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة بنحوه.
(٤) في أ: "يسمع".
(٥) في أ: "العدل".
(٦) في ت: "وروى الإمام أحمد بسنده أن أم سلمة قالت".
(٧) في أ: "فتنحى لي عن".
(٨) المسند (٦/٢٩٦).
(٩) زيادة من: ت، ف، و"الطبري".