وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ عِنْدَ طَنِينِ الْأُذُنِ، إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ فِي ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَدْ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مَعْمَر بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ (١)، عَنْ أَبِيهِ أَبِي رَافِعٍ (٢) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إذا طَنَّتْ أُذُنُ أَحَدِكُمْ فَلْيَذْكُرْنِي وَلْيُصَلِّ عَلَيَّ، وَلْيَقُل: ذَكَر اللَّهُ مَن ذَكَرَنِي بِخَيْرٍ". إِسْنَادُهُ غَرِيبٌ، وَفِي ثُبُوتِهِ نَظَرٌ (٣) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ] (٤) :
وَقَدْ اسْتَحَبَّ أَهْلُ الْكِتَابَةِ أَنْ يُكَرِّرَ الْكَاتِبُ الصلاة على النبي ﷺ كُلَّمَا كَتَبَهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ كَادِحِ بْنِ رَحْمَةَ، عَنْ نَهْشَل، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابٍ، لَمْ تَزَلِ الصَّلَاةُ جَارِيَةً لَهُ مَا دَامَ اسْمِي فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ" (٥).
وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِصَحِيحٍ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ رُوي مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا (٦)، قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ شيخُنا: أَحْسَبُهُ مَوْضُوعًا. وَقَدْ رُوي نَحوُه عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَلَا يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ (٧)، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ: "الْجَامِعُ لِآدَابِ الرَّاوِي وَالسَّامِعِ (٨)، قَالَ: رَأَيْتُ بِخَطِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ: كَثِيرًا مَا يَكْتُبُ اسْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كِتَابَةً، قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ لَفْظًا (٩).
[فَصْلٌ] (١٠)
وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ (١١) عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ: "اللَّهُمَّ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ"، فَهَذَا جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِيمَا إِذَا أَفْرَدَ غير الأنبياء بالصلاة عليهم:

(١) في هـ، ت، ف، أ: "عن علي بن أبي رافع" والصواب ما أثبتناه.
(٢) في ت: "بإسناده عن أبي رافع".
(٣) ورواه الطبراني في المعجم الصغير (٢/١٢٠) وابن عدي في الكامل (٦/٤٥١) من طريق معمر به، وقال ابن عدي: "معمر بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أبيه منكر الحديث، ومقدار ما يرويه لا يتابع عليه".
(٤) زيادة من ت.
(٥) أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب برقم (١٦٩٩) من طريق أحمد بن جعفر الهاشمي عن سليمان بن الربيع عن كادح بن رحمة به.
(٦) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٢٣٤) "مجمع البحرين" من طريق يزيد بن عياض عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(٧) أما حديث ابن عباس فسبق، وأما حديث أبي بكر فرواه ابن عدي في الكامل (٣/٢٤٩) من طريق أبي داود النخعي، عن أيوب بن موسى، عن القاسم، عن أبي بكر، رضي الله عنه، وداود النخعي وضاع.
(٨) في ت: "والسائل".
(٩) الجامع لأخلاق الراوي (١/٢٧١) ثم قال عقبه: "وقد خالفه غيره من الأئمة المتقدمين في ذلك".
(١٠) زيادة من ف، أ.
(١١) في ت، ف، أ: "كان".


الصفحة التالية
Icon