سَيَمْلِكُ بَعْدَنَا مُلْكًا عَظيمًا... نَبيّ لَا يُرَخِّصُ في الحَرَام...
وَيَْملك بَعْدَه منْهُم مُلُوك... يدينوه العبادَ بغَير ذَامٍ...
ويَملك بَعدهم مِنَّا مُلُوك... يَصير المُلك فينَا باقْتسَام...
وَيَمْلك بَعَْد قَحْطَان نَبي... تَقي خَبْتَة خُيْرُ الْأَنَامِ...
وسُميَ أحْمَدًا يَا لَيْتَ أَنِّي... أُعَمَّرُ بَعْد مَبْعَثه بِعَامٍ...
فأعضُده وأَحْبوه بنَصْري... بكُل مُدَجّج وبكُل رَامٍ...
مَتَى يَظْهَرْ فَكُونُوا نَاصريه... وَمَنْ يَلْقَاهُ يُبْلغه سَلامي...
ذَكَرَ ذَلِكَ الْهَمْدَانِيُّ فِي كِتَابِ "الْإِكْلِيلِ".
وَاخْتَلَفُوا فِي قَحْطَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ اتِّصَالِ نَسَبِهِ بِهِ عَلَى ثَلَاثِ (١) طَرَائِقَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ عَابَر، وَهُوَ هُودٌ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ اتِّصَالِ نَسَبِهِ بِهِ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ أَيْضًا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ اتِّصَالِ نَسَبِهِ بِهِ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ أَيْضًا. وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ مُسْتَقْصًى الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمري، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي كِتَابِهِ [الْمُسَمَّى] (٢) :"الْإِنْبَاهُ عَلَى ذِكْرِ أُصُولِ الْقَبَائِلِ الرُّوَاةِ" (٣).
وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "كَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ" يَعْنِي: الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ الْخَلِيلِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مِنْ سُلَالَةِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ: كَانَ مِنْ سُلَالَةِ الْخَلِيلِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَيْسَ هَذَا بِالْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَكِنْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ بِنَفَرٍ مِنْ "أسلَمَ" يَنْتَضِلُونَ، فَقَالَ: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا" (٤). فَأَسْلَمُ قَبِيلَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالْأَنْصَارُ أَوْسُهَا وَخَزْرَجُهَا مِنْ غَسَّانَ مِنْ عَرَبِ الْيَمَنِ مِنْ سَبَأٍ، نَزَلُوا بِيَثْرِبَ لَمَّا تَفَرَّقَتْ سَبَأٌ فِي الْبِلَادِ، حِينَ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ، وَنَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالشَّامِ، وَإِنَّمَا (٥) قِيلَ لَهُمْ: غَسَّان بِمَاءٍ نَزَلُوا عَلَيْهِ قيلَ: بِالْيَمَنِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ قَرِيبٌ مِنَ المُشَلَّل (٦)، كَمَا قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

إمَّا سَألت فَإنَّا مَعْشَرٌ نُجُبٌ الأزْدُ نِسْبَتُنَا، وَالْمَاءُ غَسَّانُ (٧)
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "وُلِدَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ" أَيْ: كَانَ (٨) مِنْ نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع
(١) في أ: "ثلاثة".
(٢) زيادة من أ.
(٣) في ت: "بالرواة".
(٤) صحيح البخاري برقم (٣٥٠٧) من حديث سلمة، رضي الله عنه.
(٥) في ت: "وإن".
(٦) في ت: "المسلك" وفي أ: "المسكن".
(٧) البيت في السيرة النبوية لابن هشام (١/١٠).
(٨) في ت: "كانوا".


الصفحة التالية
Icon