﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا [وَكَانُوا يَتَّقُونَ] (١) ﴾ أَيْ: مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، لَمْ يَمَسَّهُمْ سُوءٌ، وَلَا نَالَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ، بَلْ نَجَّاهُمُ اللَّهُ مَعَ نَبِيِّهِمْ صَالِحٍ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (٢) بِإِيمَانِهِمْ، وَتَقْوَاهُمْ لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.
﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) ﴾
(١) زيادة من ت، أ.
(٢) زيادة من ت، أ.
(٢) زيادة من ت، أ.
﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ أَيِ: اذْكُرْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ يَحْشُرُونَ إِلَى النَّارِ (١) ﴿يُوزَعُونَ﴾، أَيْ: تَجْمَعُ الزَّبَانِيَةُ أَوَّلَهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ [مَرْيَمَ: ٨٦]، أَيْ: عِطَاشًا.
وَقَوْلُهُ: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا﴾ أَيْ: وَقَفُوا عَلَيْهَا، ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (٢) أَيْ: بِأَعْمَالِهِمْ مِمَّا قَدَّمُوهُ وَأَخَّرُوهُ، لَا يُكْتَم مِنْهُ حَرْفٌ.
﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا﴾ أَيْ: لَامُوا أَعْضَاءَهُمْ وَجُلُودَهُمْ حِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَجَابَتْهُمُ الْأَعْضَاءُ: ﴿قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ أَيْ: فَهُوَ لَا يُخَالَفُ وَلَا يُمَانَعُ، وَإِلَيْهِ تَرْجِعُونَ.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُبَيْدٍ المُكْتَب، عَنِ الشَّعْبِيِّ (٣)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَتَبَسَّمَ (٤)، فَقَالَ: "أَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتُ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: "عَجِبْتُ مِنْ مُجَادَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: أَيْ رَبِّي، أَلَيْسَ وَعَدْتَنِي أَلَّا تَظْلِمَنِي؟ قَالَ: بَلَى فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ عَلَيَّ شَاهِدًا إِلَّا مِنْ نَفْسِي. فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَوَ لَيْسَ كَفَى بِي شَهِيدًا، وَبِالْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ؟! قَالَ: فَيُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ مِرَارًا". قَالَ: "فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَتَتَكَلَّمُ أَرْكَانُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ، فَيَقُولُ: بُعْدًا لكُنَّ وسُحقا، عَنْكُنَّ كُنْتُ أُجَادِلُ".
ثُمَّ رَوَاهُ (٥) هُوَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ الْأَسَدِيِّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُبيد المُكْتَب، عَنْ فُضيل بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الشَّعْبِيِّ (٦) ثُمَّ قَالَ: "لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ غَيْرَ الشَّعْبِيِّ". وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
(١) في ت، أ: "جهنم".
(٢) في ت: "يكسبون" وهو خطأ.
(٣) في ت: "وروى الحافظ أبو بكر البزار بإسناده".
(٤) في أ: "أو تبسم".
(٥) في ت: "ورواه".
(٦) ورواه ابن أبي الدنيا في التوبة برقم (١٨) من طريق مهران بن أبي عمر عن سفيان الثوري بنحوه.
(٢) في ت: "يكسبون" وهو خطأ.
(٣) في ت: "وروى الحافظ أبو بكر البزار بإسناده".
(٤) في أ: "أو تبسم".
(٥) في ت: "ورواه".
(٦) ورواه ابن أبي الدنيا في التوبة برقم (١٨) من طريق مهران بن أبي عمر عن سفيان الثوري بنحوه.