أَقْبَلْنَا مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ أَعْرَسْنَا فَنِمْنَا، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِالشَّمْسِ قَدْ طَلَعَتْ، فَاسْتَيْقَظْنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمٌ، قَالَ: فَقُلْنَا: "امْضُوا" (١). فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ: "افْعَلُوا مَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ وَكَذَلِكَ [يَفْعَلُ] (٢) مَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ". قَالَ: وَفَقَدْنَا ناقة رسول الله ﷺ فطلبنها، فَوَجَدْنَاهَا قَدْ تَعَلَّقَ خِطَامُهَا بِشَجَرَةٍ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَرَكِبَهَا (٣)، فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذْ أَتَاهُ الْوَحْيُ، قَالَ: وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ [الْوَحْيُ] (٤) اشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾.
وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ بِهِ (٥).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ (٦) يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ (٧) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: "أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا".
أَخْرَجَاهُ (٨) وَبَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ زِيَادٍ بِهِ (٩).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَتَفَطَّرَ رَجُلَاهُ (١٠).
فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ ".
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، بِهِ (١١).
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ الْخَرَّازُ -وَكَانَ ثِقَةً بِمَكَّةَ-حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ (١٢) حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ -أَوْ قَالَ سَاقَاهُ-فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: "أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ " غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (١٣).
(٢) زيادة من ت، أ.
(٣) في ت: "فركب".
(٤) زيادة من م.
(٥) تفسير الطبري (٢٦/٤٣) والمسند (١/٤٦٤) وسنن أبي داود برقم (٤٤٧) والنسائي في السنن الكبرى برقم (٨٨٥٣).
(٦) في ت: "وروى الإمام أحمد بسنده".
(٧) في أ: "رسول الله".
(٨) في ت: "أخرجه البخاري ومسلم".
(٩) المسند (٤/٥٥) وصحيح البخاري برقم (٤٨٣٦) وصحيح مسلم برقم (٢٨١٩) وسنن الترمذي برقم (٤١٢) وسنن النسائي (٣/٢١٩) وسنن ابن ماجه برقم (١٤١٩).
(١٠) في أ: "ينفطر قدماه".
(١١) المسند (٦/١١٥) وصحيح مسلم برقم (٢٨٢٠).
(١٢) في ا: "بشير".
(١٣) ورواه أبو يعلى في المسند (٥/٢٨٠) من طريق عبد الله بن عون الخراز به، ورواه البزار في مسنده برقم (٢٣٨٠) "كشف الأستار" من طريق الحسين بن الأسود عن محمد بن بشر به، وقال البزار: "لا نعلم أحدا حدث بهذا الحديث بهذا الإسناد إلا الحسين بن بشر وعبد الله بن عون الخزار، وقد رواه غيرهما عن محمد بن بشر عن مسعر، عن زياد بن علاقة، عن المغيرة بن شعبةن وهو الصواب" فكلام الإمام البزار هنا موضح لقول الحافظ ابن كثير: "غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ".