حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَرْزَمي، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل (١)، عَنْ جُنْدَب بْنِ سُفْيَانَ البَجَلي قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إِلَّا أَلْبَسُهُ اللَّهُ رِدَاءَهَا، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ"، الْعَرْزَمِيُّ مَتْرُوكٌ (٢).
وَقَالَ (٣) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ (٤) مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ يَعْمَلُ فِي صَخْرَةٍ صَمَّاءَ لَيْسَ لَهَا بَابٌ وَلَا كُوَّةٌ، لَخَرَجَ عَمَلُهُ لِلنَّاسِ كَائِنًا مَا (٥) كَانَ" (٦).
وَقَالَ (٧) الْإِمَامُ أَحْمَدُ [أَيْضًا] (٨) : حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، حَدَّثَنَا قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَان: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ، وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ، وَالِاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ" وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيِّ، عَنْ زُهَيْرٍ، بِهِ (٩).
فَالصَّحَابَةُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ] (١٠) خَلُصَتْ نِيَّاتُهُمْ وَحَسُنَتْ أَعْمَالُهُمْ، فَكُلُّ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِمْ أَعْجَبُوهُ فِي سَمْتِهِمْ وَهَدْيِهِمْ.
وَقَالَ مَالِكٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّصَارَى كَانُوا إِذَا رَأَوُا الصَّحَابَةَ الَّذِينَ فَتَحُوا الشَّامَ يَقُولُونَ: "وَاللَّهِ لَهَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ فِيمَا بَلَغَنَا". وَصَدَقُوا فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ مُعَظَّمَةٌ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَعْظَمُهَا وَأَفْضَلُهَا أَصْحَابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نَوَّهَ اللَّهُ بِذِكْرِهِمْ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَالْأَخْبَارِ الْمُتَدَاوَلَةِ (١١) ؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾، ثُمَّ قَالَ: ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ [فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ :﴿أَخْرَجَ شَطْأَهُ] ﴾ (١٢) أَيْ: فِرَاخَهُ، ﴿فَآزَرَهُ﴾ أَيْ: شَدَّهُ ﴿فَاسْتَغْلَظَ﴾ أَيْ: شَبَّ وَطَالَ، ﴿فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾ أَيْ: فَكَذَلِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آزَرُوهُ وَأَيَّدُوهُ وَنَصَرُوهُ فَهُمْ مَعَهُ كَالشَّطْءِ مَعَ الزَّرْعِ، ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾.
وَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ انْتَزَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ-بِتَكْفِيرِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ، قَالَ: لِأَنَّهُمْ يَغِيظُونَهُمْ، وَمَنْ غَاظَ الصَّحَابَةُ فَهُوَ كَافِرٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ. وَوَافَقَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ. وَالْأَحَادِيثُ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ بِمَسَاءَةٍ كَثِيرَةٌ (١٣)، ويكفيهم ثناء الله عليهم، ورضاه عنهم.
(٢) المعجم الكبير (٢/١٧١) وحامد بن آدم كذاب.
(٣) في ت: "وروى".
(٤) في أ: "عن".
(٥) في ت: "من".
(٦) المسند (٣/٢٨).
(٧) في ت: "وروى".
(٨) زيادة من ت.
(٩) المسند (١/٢٩٦) وسنن أبي داود برقم (٤٧٧٦).
(١٠) زيادة من ت، م، أ.
(١١) في م: "المقدسة".
(١٢) زيادة من م.
(١٣) في م: "كبيرة".