الْآيَةُ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَفَاءُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ أَيْ: اعْدِلُوا بَيْنَهُمْ فِيمَا كَانَ أَصَابَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، بِالْقِسْطِ، وَهُوَ الْعَدْلُ، ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ (١)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْمُقْسِطِينَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ، بِمَا أَقْسَطُوا فِي الدُّنْيَا".
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ (٢) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، بِهِ (٣). وَهَذَا إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، رِجَالُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَلَى يَمِينِ الْعَرْشِ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهَالِيهِمْ وَمَا وَلُوا".
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، بِهِ (٤).
وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ أَيِ: الْجَمِيعُ إِخْوَةٌ فِي الدِّينِ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ" (٥). وَفِي الصَّحِيحِ: "وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ" (٦). وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: "إِذَا دَعَا الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلِهِ" (٧). وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، وَفِي الصَّحِيحِ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوادِّهم وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بالحُمَّى والسَّهَر". وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ (٨).
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ" (٩). تَفَرَّدَ بِهِ وَلَا بأس بإسناده.
(٢) في ت: "مسلم".
(٣) النسائي في السنن الكبرى برقم (٥٩١٧).
(٤) صحيح مسلم برقم (١٨٢٧) وسنن النسائي (٨/٣٢١).
(٥) رواه البخاري في صحيحه برقم (٢٤٤٢) ومسلم في صحيحه برقم (٢٥٨٠) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
(٦) صحيح مسلم برقم (٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٧) صحيح مسلم برقم (٢٧٣٢) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
(٨) صحيح البخاري برقم (٦٠١١) وصحيح مسلم برقم (٢٥٨٦) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
(٩) المسند (٥/٣٤٠) وقال الهيثمي في المجمع (٨/١٨٧) :"رجال أحمد رجال الصحيح".