[وَ] (١) هَكَذَا أَوْرَدَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ "الْجُمُعَةِ" مِنَ الْأُمِّ (٢)، وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَنَسٍ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا (٣) وَذَكَرَ هَاهُنَا أَثَرًا مُطَوَّلًا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَوْقُوفًا وَفِيهِ غَرَائِبُ كَثِيرَةٌ (٤).
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعة، حَدَّثَنَا دَراج، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ لَيَتَّكِئُ فِي الْجَنَّةِ سَبْعِينَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ ثُمَّ تَأْتِيهِ امْرَأَةٌ فَتَضْرِبُ عَلَى مَنْكِبِهِ (٥) فَيَنْظُرُ وَجْهَهُ فِي خَدِّهَا أَصْفَى مِنَ الْمِرْآةِ، وَإِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْهَا تُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. فَتُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَيَرُدُّ السَّلَامَ، فَيَسْأَلُهَا: مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ الْمَزِيدِ. وَإِنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً، أَدْنَاهَا مِثْلُ النُّعْمَانِ، مِنْ طُوبَى، فَيَنْفُذُهَا بَصَرُهُ حَتَّى يَرَى مُخَّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَإِنَّ عَلَيْهَا مِنَ التِّيجَانِ، إِنَّ أَدْنَى لُؤْلُؤَةٍ مِنْهَا لَتُضِيءُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ" (٦).
وَهَكَذَا رَوَاهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحارث، عن دراج، به (٧).
(٢) الأم (١/١٨٥).
(٣) تفسير الطبري (٢٦/١٠٩).
(٤) تفسير الطبري (٢٦/١٠٩).
(٥) في أ: "منكبيه".
(٦) المسند (٣/٧٥) وفيه: دراج عن أبي الهيثم، ضعيف.
(٧) رواه الطبري في تفسيره (٢٦/١١٠) والكلام عليه كسابقه.
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (٤٠) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَ هَؤُلَاءِ الْمُنْكِرِينَ (١) :﴿مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا﴾ أَيْ: كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً، وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَثَّرُوا فِيهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ﴾ : ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: فَسَارُوا فِي الْبِلَادِ، أَيْ سَارُوا فِيهَا يَبْتَغُونَ الْأَرْزَاقَ وَالْمَتَاجِرَ وَالْمَكَاسِبَ أَكْثَرَ مِمَّا طُفْتُمْ أَنْتُمْ فِيهَا وَيُقَالُ لِمَنْ طَوَّفَ فِي الْبِلَادِ: نَقَّبَ فِيهَا. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَقَدْ نَقَّبْتُ فِي الْآفَاقِ حَتّى | رضيتُ من الغَنِيمة بالإيَابِ (٢) |
(٢) البيت في تفسير الطبري (٢٦/١١٠).