وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ أَيْ: بِعَكْسِ مَا الْأَشْقِيَاءُ فِيهِ مِنَ الضَّلَالِ والسُّعر وَالسَّحْبِ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، مَعَ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ وَالتَّهْدِيدِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ أَيْ: فِي دَارِ كَرَامَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ وَفَضْلِهِ، وَامْتِنَانِهِ وَجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ، ﴿عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ أَيْ: عِنْدَ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ الْخَالِقِ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَمُقَدِّرِهَا، وَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى مَا يَشَاءُ مِمَّا يَطْلُبُونَ وَيُرِيدُونَ؛ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (١) -يَبلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قال: "المقسطون عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ: الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا".
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ (٢).
آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ "اقْتَرَبَتْ"، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ
(٢) صحيح مسلم برقم (١٨٢٧) وسنن النسائي (٨/٢٢١).