رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرَّجُلَ إِذَا نَزَعَ ثَمَرَةً فِي الْجَنَّةِ، عَادَتْ مَكَانَهَا أُخْرَى" (١).
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضَّبُعِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ طَيْرَ الْجَنَّةِ كَأَمْثَالِ الْبُخْتِ، يَرْعَى (٢) فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ لَطَيْرٌ نَاعِمَةٌ فَقَالَ: "أَكَلَتُهَا (٣) أَنْعَمُ مِنْهَا -قَالَهَا ثَلَاثًا-وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَأْكُلُ مِنْهَا". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (٤).
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ "صِفَةِ الْجَنَّةِ" مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الخُطَبِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الخُيُوطي، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ زُرْعَة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ذُكِرَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُوبَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، هَلْ بَلَغَكَ مَا طُوبَى؟ " قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، مَا يَعْلَمُ طُولَهَا إِلَّا اللَّهُ، يَسِيرُ الرَّاكِبُ تَحْتَ غُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَرَقُهَا الْحُلَلُ، يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّيْرُ كَأَمْثَالِ الْبُخْتِ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هُنَاكَ لَطَيْرًا نَاعِمًا؟ قَالَ: "أَنْعَمُ مِنْهُ مَنْ يَأْكُلُهُ، وَأَنْتَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" (٥).
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَى طَيْرَهَا نَاعِمَةً كَمَا أَهْلُهَا نَاعِمُونَ. قَالَ: "مَنْ يَأْكُلُهَا -وَاللَّهِ يَا أَبَا بَكْرٍ (٦) -أَنْعَمُ مِنْهَا، وَإِنَّهَا لَأَمْثَالُ الْبُخْتِ، وَإِنِّي لَأَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهَا (٧) يَا أَبَا بَكْرٍ" (٨).
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم سئل عن الْكَوْثَرِ فَقَالَ: "نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ، فِي الْجَنَّةِ، أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ طُيُورٌ أَعْنَاقُهَا يَعْنِي كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ". فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا".
وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ (٩) بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ القَعْنَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: حَسَنٌ (١٠).
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسي، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (١١) بْنِ الْوَلِيدِ الوَصَّافي، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفِيّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:
(٢) في م: "ترعى".
(٣) في م، أ: "أكلها".
(٤) المسند (٣/٢٢١).
(٥) ورواه ابن مردويه في تفسيره كما في الدر المنثور (٤/٦٤٩).
(٦) في م: "يا أبا بكر والله".
(٧) في م: "أن آكل منها".
(٨) وهذا مرسل وقد روى من طريق الحسن مرسلا أيضا أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١٢/١٣).
(٩) في م: "عبيد" وهو خطأ.
(١٠) سنن الترمذي برقم (٢٥٤٢) وقال فيه: "حسن غريب".
(١١) في أ: "عبد الله".