وَقَالَ عَوْفٌ عَنِ الْحَسَنِ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا". رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ (١).
وَقَالَ شَبِيبٌ عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الْجَنَّةِ شَجَر لَا يَحْمِلُ، يُستظَلُّ بِهِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، والسُّدِّيّ، وَأَبُو حَرْزَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾ لَا يَنْقَطِعُ، لَيْسَ فِيهَا شَمْسٌ وَلَا حَرٌّ، مِثْلُ قَبْلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْجَنَّةُ سَجْسَج، كَمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْآيَاتُ كَقَوْلِهِ: ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا﴾ [النِّسَاءِ: ٥٧]، وَقَوْلِهِ: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا﴾ [الرَّعْدِ: ٣٥]، وَقَوْلِهِ: ﴿فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ﴾ [الْمُرْسَلَاتِ: ٤١] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ﴾ قَالَ الثَّوْرِيُّ: [يَعْنِي] (٢) يَجْرِي فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عِنْدَ (٣) تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ الْآيَةَ [مُحَمَّدٍ: ١٥]، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لَا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ﴾ أَيْ: وَعِنْدَهُمْ مِنَ الْفَوَاكِهِ الْكَثِيرَةِ الْمُتَنَوِّعَةِ فِي الْأَلْوَانِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ﴿كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٥] أَيْ: يُشْبِهُ الشكلُ الشكلَ، وَلَكِنَّ الطَّعْمَ غيرُ الطَّعْمِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي ذِكْرِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى قَالَ: "فَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ وَنَبْقُهَا مِثْلُ قلالَ هَجَرَ" (٤).
وَفِيهِمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خُسِفَت الشَّمْسُ، فَصَلَّى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَذَكَرَ الصَّلَاةَ. وَفِيهِ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ (٥). قَالَ: "إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا" (٦).
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمة، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ (٧) عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، إِذْ تَقَدَّمُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقَدَّمْنَا مَعَهُ، ثُمَّ تَنَاوَلَ شَيْئًا لِيَأْخُذَهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ لَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صنعتَ اليومَ
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) في م، أ: "على".
(٤) صحيح البخاري برقم (٣٢٠٧) وصحيح مسلم برقم (١٦٢) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٥) في أ: "تكفكفت".
(٦) صحيح البخاري برقم (١٠٥٢) وصحيح مسلم برقم (٩٠٧).
(٧) في م، أ: "حدثنا أبو".