فَيَدْخُلُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً، سَبْعِينَ مِمَّا يُنْشِئُ اللَّهُ، وَثِنْتَيْنِ مَنْ وَلَدِ (١) آدَمَ لَهُمَا فَضْلٌ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ اللَّهُ، بِعِبَادَتِهِمَا اللَّهَ فِي الدُّنْيَا، يَدْخُلُ عَلَى الْأُولَى مِنْهُمَا فِي غُرْفَةٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ، عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّل بِاللُّؤْلُؤِ، عَلَيْهِ سَبْعُونَ زَوْجًا مِنْ سُنْدُس وَإِسْتَبْرَقٍ وَإِنَّهُ لَيَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى يَدِهِ مِنْ صَدْرِهَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَجِلْدِهَا وَلَحْمِهَا، وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَى مُخِّ سَاقِهَا كَمَا يَنْظُرُ أَحَدُكُمْ إِلَى السِّلْكِ فِي قَصَبَةِ الْيَاقُوتِ، كَبِدُهُ لَهَا مِرْآةٌ -يَعْنِي: وَكَبِدُهَا لَهُ مِرْآةٌ-فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَهَا لَا يَمَلُّهَا وَلَا تَمَلُّهُ، وَلَا يَأْتِيهَا مِنْ مَرَّةٍ إِلَّا وَجَدَهَا عَذْرَاءَ، مَا يَفْتُرُ ذَكَرُه، وَلَا تَشْتَكِي قُبُلها إِلَّا أَنَّهُ لَا مَنِيَّ وَلَا مَنيَّة، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ نُودِيَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا أَنَّكَ لَا تَمَلُّ وَلَا تُمَلُّ، إِلَّا أَنَّ لَكَ أَزْوَاجًا غَيْرَهَا، فَيَخْرُجُ، فَيَأْتِيهِنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً (٢)، كُلَّمَا جَاءَ وَاحِدَةً قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ أَحْسَنُ مِنْكَ، وَمَا فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ".
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاج، عَنِ ابْنِ حُجَيرة (٣)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَنَطأ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ دَحْمًا دَحْمًا، فَإِذَا قَامَ عَنْهَا رَجَعتْ مُطهَّرة بِكْرًا" (٤).
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَابِرٍ الْفَقِيهُ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقُ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا جَامَعُوا نِسَاءَهُمْ عُدن أَبْكَارًا" (٥). وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا عِمْران، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا فِي النِّسَاءِ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَيُطِيقُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ".
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ وَقَالَ: صَحِيحٌ غَرِيبٌ (٦).
وَرَوَى أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَصِلُ إِلَى نِسَائِنَا فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ فِي الْيَوْمِ إِلَى مِائَةِ عَذْرَاءَ" (٧).
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَقْدِسِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿عُرُبًا﴾ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي مُتَحَبِّبَاتٍ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ، أَلَمْ تَرَ إِلَى النَّاقَةِ الضُّبَعَةِ، هِيَ كَذَلِكَ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: العُرُب: الْعَوَاشِقُ لِأَزْوَاجِهِنَّ، وَأَزْوَاجُهُنَّ لَهُنَّ عَاشِقُونَ. وَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجس، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كثير، وعطية،
(٢) في م: "واحدة بعد واحدة".
(٣) في أ: "عن ابن حجرة".
(٤) رواه ابن حبان في صحيحه برقم (٢٦٣٣) "موارد" وأبو نعيم في صفة الجنة برقم (٣٩٣) من طريق ابن وهب به، ودراج متكلم فيه.
(٥) المعجم الصغير (١/٩١) وفيه معلى بن عبد الرحمن وهو كذاب.
(٦) مسند الطيالسي برقم (٢٠١٢) وسنن الترمذي برقم (٢٥٣٦).
(٧) المعجم الصغير (٢/١٢، ١٣).