إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. قال جَابِرٌ: وَكَانَ الْأَنْصَارُ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُ؛ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ" (١)
وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ (٢) وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ، عَنْ سُفْيَانَ، بِهِ نَحْوَهُ (٣)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ (٤) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَلَامَنِي قَوْمِي وَقَالُوا: مَا أردتَ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فنمتُ كَئِيبًا حَزينا، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عُذركَ وصَدَّقك". قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ حَتَّى بَلَغَ: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ﴾
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ شُعْبَةَ (٥) ثُمَّ قَالَ: "وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عِنْدَهَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، بِهِ (٦)
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ زَيْدٍ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَير (٧) قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ -وَقَالَ ابْنُ أَبِي بُكَير (٨) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ-قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَمِّي فِي غَزَاةٍ، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي فَذَكَرَهُ عَمِّي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا: فكَذبني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصَدَّقه، فَأَصَابَنِي هَمٌ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ، وَجَلَسْتُ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَّا أَنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَقَتَكَ. قَالَ: حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ قَالَ: فَبَعَثَ إليَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ" (٩)
ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ، حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق: أنه سمع زيد

(١) دلائل النبوة للبيهقي (٤/٥٣).
(٢) المسند (٣/٣٩٢).
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٩٠٧) وصحيح مسلم برقم (٢٥٨٤).
(٤) في م: "رسول الله".
(٥) المسند (٤/٣٦٨) وصحيح البخاري برقم (٤٩٠٢).
(٦) سنن الترمذي برقم (٣٣١٤) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٥٩٤).
(٧) في أ: "بكر".
(٨) في م: "وقال أبو بكر".
(٩) المسند (٤/٣٧٣).


الصفحة التالية
Icon