وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ حُسَين بْنِ وَاقِدٍ، بِهِ (١) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُرَيج بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا هُشَيْم، أَخْبَرَنَا مَجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ كِنْدَةَ، فَقَالَ لِي: "هَلْ لَكَ مِنْ وَلَدٍ؟ " قُلْتُ: غُلَامٌ وُلِدَ لِي فِي مَخرجَي إِلَيْكَ مِنِ ابْنَةِ جَمْدٍ، وَلَوَددْتُ أَنَّ بِمَكَانِهِ: شبَعَ الْقَوْمِ. قَالَ: "لَا تَقُولَنَّ ذَلِكَ، فَإِنَّ فِيهِمْ قُرَّةَ عَيْنٍ، وَأَجْرًا إِذَا قُبِضُوا"، ثُمَّ قَالَ: "وَلَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ: إِنَّهُمْ لَمَجْبَنَةٌ مَحْزنة" تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ (٢) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عِيسَى [بْنِ أَبِي وَائِلٍ] (٣) عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلَدُ ثَمَرَةُ الْقُلُوبِ، وَإِنَّهُمْ مَجبنة مَبخلة مَحْزَنَةٌ" ثُمَّ قَالَ: لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ (٤)
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ مَرْثَدٍ (٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بنُ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ عَدُوُّكَ الَّذِي إِنْ قَتَلْتَهُ كَانَ فَوْزًا لَكَ، وَإِنْ قَتَلَكَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ، وَلَكِنَّ الَّذِي لَعَلَّهُ عَدُوٌّ لَكَ وَلَدُكَ الَّذِي خَرَجَ مِنْ صُلْبِكَ، ثُمَّ أَعْدَى عَدُوٍّ لَكَ مالُك الَّذِي مَلَكَتْ يَمِينُكَ" (٦)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (٧) ﴾ أَيْ: جُهْدَكُمْ وَطَاقَتَكُمْ. كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: "إذا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ" (٨)
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ -كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ-إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْعَظِيمَةَ نَاسِخَةٌ لِلَّتِي فِي "آلِ عِمْرَانَ" وَهِيَ قَوْلُهُ:} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٠٢]
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْر، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعة، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ -هُوَ ابْنُ دِينَارٍ-عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ اشْتَدَّ عَلَى الْقَوْمِ الْعَمَلُ، فَقَامُوا حَتَّى وَرِمَتْ عَرَاقِيبُهُمْ وَتَقَرَّحَتْ جِبَاهُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَخْفِيفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ فنسخت الآية الأولى.

(١) المسند (٥/٣٥٤) وسنن أبي داود برقم (١١٠٩) وسنن الترمذي برقم (٣٧٧٤) وسنن النسائي (٣/١٠٨) وسنن ابن ماجة برقم (٣٦٠٠).
(٢) المسند (٥/٢١١).
(٣) زيادة من أ.
(٤) مسند البزار برقم (١٨٩٢) "كشف الأستار" قال الهيثمي في المجمع (٨/١٥٥) :"وفيه عطية الوفي وهو ضعيف" المجبنة: مظنة للجبن، والمبخلة: سبب للبخل، والمخزنة: سبب للحزن.
(٥) في هـ، م، أ: "مزيد"، والمثبت من المعجم الكبير.
(٦) المعجم الكبير (٣/٢٩٤) وفيه ضعف وانقطاع وقد تقدم بيانه مرارًا.
(٧) فاتقوا الله ما استطعتم
(٨) صحيح البخاري برقم (٧٢٨٨) وصحيح مسلم برقم (١٣٣٧).


الصفحة التالية
Icon