أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي -يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ-فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلَامَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا، فَقَالَتْ: قُتِل زَوْجُ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ، فَأَنْكَحَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا (١)
هَكَذَا أورد البخاري هذا الحديث هاهنا مُخْتَصَرًا. وَقَدْ رَوَاهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ الْكُتُبِ مُطَوَّلًا مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ (٢) وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَة؛ أَنَّ سُبَيعَة الْأَسْلَمِيَّةَ تُوفي عَنْهَا زوجُها وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَمْكُثْ إِلَّا لَيَالِيَ حَتَّى وَضَعَتْ، فَلَمَّا تَعَلَّت مِنْ نِفَاسِهَا خُطِبت، فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّكَاحِ، فَأَذِنَ لَهَا أَنْ تُنكَح فنُكحت.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عنها (٣) كما قال مسلم ابن الْحَجَّاجِ:
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنُ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتبة: أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيعة بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ. فَكَتَبَ عُمر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعد (٤) بْنِ خَولة -وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا-فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنشَب أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّت مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعكك فَقَالَ لَهَا: مَالِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً؟ لَعَلَّكِ تَرجين النِّكَاحَ، إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمرَ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وعشرٌ. قَالَتْ سُبيَعة: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمعتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أمسيتُ فأتيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلت حِينَ وضعتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ (٥) إِنْ بَدَا لِي.
هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا (٦) ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ [ذَلِكَ، أَيْ: بَعْدَ] (٧) رِوَايَةِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ:
وَقَالَ (٨) سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ -هُوَ ابْنُ سِيرِينَ-قَالَ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ، فَذَكَرَ آخِرَ الْأَجَلَيْنِ، فحدّثتُ بِحَدِيثِ سُبَيعة بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ:

(١) صحيح البخاري برقم (٤٩٠٩).
(٢) صحيح البخاري برقم (٥٣١٨) وصحيح مسلم برقم (١٤٨٥) وسنن النسائي (٦/١٩١).
(٣) المسند (٤/٣٢٧) وصحيح البخاري برقم (٥٣٢٠) وسنن النسائي (٦/١٩٠) وسنن ابن ماجة برقم (٢٠٩٢) كلهم من هذا الطريق الذي ساقه الإمام أحمد، وأما مسلم وأبو داود فهو هذا الطريق الآتي بعده، صحيح مسلم برقم (١٤٨٤) وسنن أبي داود برقم (٢٣٠٦).
(٤) في أ: "سعيد".
(٥) في م، أ: "بالتزويج"
(٦) صحيح مسلم برقم (١٤٨٤) وصحيح البخاري برقم (٥٣١٩، ٣٩٩١).
(٧) زيادة من أ.
(٨) في م: "وقال أبو سليمان".


الصفحة التالية
Icon