وَقَالَ: "اقْتَضُوا -أَوِ: اقْتَضِي-شَكَّ أَسْوَدُ -ظَرفًا مَكَانَ ظَرفِك". قَالَتْ: فَمَا قَالَ شَيْئًا (١).
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ (٢) بْنِ هِشَامٍ: قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْتُ لَهَا: أَخْبِرِينِي بخلُق النَّبِيِّ (٣) صَلَّى لِلَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ. أَمَا تَقْرَأُ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ، نَحْوَهُ (٤)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَير بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: حججتُ فدخلتُ عَلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَسَأَلْتُهَا عَنْ خُلُق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقالت: كَانَ خُلُق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، بِهِ (٥)
وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، صَارَ امتثالُ الْقُرْآنِ، أَمْرًا وَنَهْيًا، سَجِيَّةً لَهُ، وَخُلُقًا تَطَبَّعَه، وَتَرَكَ طَبْعَهُ الجِبِلِّي، فَمَهْمَا أَمَرَهُ الْقُرْآنُ فَعَلَهُ، وَمَهْمَا نَهَاهُ عَنْهُ تَرَكَهُ. هَذَا مَعَ مَا جَبَله اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ، مِنَ الْحَيَاءِ وَالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ، وَالصَّفْحِ وَالْحِلْمِ، وَكُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ. كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خدمتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرٌ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي: "أُفٍّ" قَطُّ، وَلَا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ: أَلَا فَعَلْتَهُ؟ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وَلَا مَسسْتُ خَزًّا وَلَا حَرِيرًا وَلَا شَيْئًا كَانَ أَلْيَنَ مِنْ كَفَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَمَمْتُ مِسْكًا وَلَا عِطْرًا كَانَ أَطْيَبَ مِنْ عَرَق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٦)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: [حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ] (٧) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَحْسَنَ النَّاسِ خَلْقًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ، وَلَا بِالْقَصِيرِ (٨)
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، وَلِأَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ فِي هَذَا كِتَابُ "الشَّمَائِلِ".
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ خَادِمًا لَهُ قَطُّ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شيئًا قط، إلا أن
(٢) في هـ، أ: "سعيد"، والمثبت من م وتفسير الطبري.
(٣) في م: "رسول الله".
(٤) تفسير الطبري (٢٩/١٣) وسنن أبي داود برقم (١٣٥٢) وسنن النسائي (٣/٢٢٠).
(٥) تفسير الطبري (٢٩/١٣) والمسند (٦/١٨٨) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١١٣٨).
(٦) صحيح البخاري برقم (٦٠٣٨) وصحيح مسلم برقم (٢٣٠٩).
(٧) زيادة من م، أ، وصحيح البخاري.
(٨) صحيح البخاري برقم (٣٥٤٩).