وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ، بِهِ (١) إِلَّا أَنَّ دَرّاجا وَشَيْخَهُ ضَعِيفَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الغُداني قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي هُرَيرة فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا أَكْثَرُ عَامِرِيٍّ مَالًا. فَقَالَ أبو هريرة: رُدُّوهُ (٢) فَقَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّكَ ذُو مَالٍ كَثِيرٍ؟ فَقَالَ الْعَامِرِيُّ: إِيْ وَاللَّهِ، إِنَّ لِي لَمِائَةً حُمْرًا ومائة أُدْمًا، حَتَّى عَدَّ مِنْ أَلْوَانِ الْإِبِلِ، وَأَفْنَانِ الرقيق، ورباط الخيل فقال أبو هريرة: إِيَّاكَ وَأَخْفَافَ الْإِبِلِ وأظلافَ النَّعَمِ (٣) -يُرَدّد ذَلِكَ عَلَيْهِ، حَتَّى جَعَلَ لونُ الْعَامِرِيُّ يَتَغَيَّرُ-فَقَالَ: مَا ذَاكَ يَا أَبَا هُرَيرة؟ قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقول: "مَنْ كَانَتْ لَهُ إبلٌ لَا يُعْطِي حَقَّهَا فِي نَجْدَتِهَا ورِسْلها -قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا نجدتُها ورِسْلُها؟ قَالَ: "فِي عُسرها وَيُسْرِهَا-" فَإِنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغَذِّ مَا كَانَتْ وَأَكْثَرِهِ وَأَسْمَنِهِ وَآشَرِهِ، حَتَّى يُبْطَحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرقَر، فَتَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، فَإِذَا جَاوَزَتْهُ أُخْرَاهَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ بَقَرٌ لَا يُعْطِي حَقَّهَا فِي نَجْدَتِهَا وَرِسْلِهَا، فَإِنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغَذِّ مَا كَانَتْ وَأَكْثَرِهِ وَأَسْمَنِهِ وَآشَرِهِ ثم يُبْطَحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرقَر فَتَطَؤُهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا، وَتَنْطَحُهُ كُلُّ ذَاتِ قَرْنٍ بِقَرْنِهَا، إِذَا جَاوَزَتْهُ أُخْرَاهَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ. وَإِذَا كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ لَا يُعْطِي حَقَّهَا فِي نَجْدَتِهَا وَرِسْلِهَا، فَإِنَّهَا تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغَذِّ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنِهِ وَآشَرِهِ، حَتَّى يُبْطَحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرقَر، فَتَطَؤُهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا وَتَنْطَحُهُ كُلُّ ذَاتِ قَرْنٍ بِقَرْنِهَا، لَيْسَ فِيهَا عَقصاء وَلَا عَضْبَاءُ، إِذَا جَاوَزَتْهُ أُخْرَاهَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ". قَالَ الْعَامِرِيُّ: وَمَا حَقُّ الْإِبِلِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: أَنْ تُعْطِيَ الْكَرِيمَةَ، وَتَمْنَحَ الغَزيرَة، وَتُفْقِرَ الظَّهْرَ، وتَسقيَ اللَّبَنَ (٤) وتُطرقَ الْفَحْلَ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبة، كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهِ (٥).
طَرِيقٌ أُخْرَى لِهَذَا الْحَدِيثِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، عَنْ سُهَيل (٦) بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ صَاحِبٍ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ إِلَّا جُعِلَ صَفَائِحَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَتُكْوَى بِهَا بجهته وَجَنْبُهُ وَظَهْرُهُ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تُعِدُّونَ، ثُمَّ يُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ". وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ فِي الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ: "الْخَيْلُ الثلاثة؛ لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى

(١) المسند (٣/٧٥) وتفسير الطبري (٢٩/٤٥) ودراج عن أب الهيثم ضعيف.
(٢) في أ: "ردوه إلى".
(٣) في م: "الغنم".
(٤) في م: "وتسقي الإبل".
(٥) المسند (٢/٤٨٩) وسنن أبي داود برقم (١٦٦٠) وسنن النسائي (٥/١٢).
(٦) في أ: "عن سهل".


الصفحة التالية
Icon