قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نُوِقش الْحِسَابَ عُذِّب". قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَالَ اللَّهُ: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ ؟، قَالَ: "لَيْسَ ذَاكَ بِالْحِسَابِ وَلَكِنَّ ذَلِكَ العَرْض، مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، بِهِ (١)
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا رَوحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الخَرَاز، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنه لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مُعَذَّبًا". فَقُلْتُ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ ؟، قَالَ: "ذَاكَ الْعَرْضُ، إِنَّهُ مَنْ نُوِقش الْحِسَابَ عُذب"، وَقَالَ بِيَدِهِ عَلَى إِصْبَعِهِ كَأَنَّهُ يَنكُتُ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي يُونُسَ القُشَيري، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكة، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ (٢) أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يُونُسَ القُشَيري، وَاسْمُهُ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ (٣) بِهِ (٤).
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، عَنِ الْحَرِيشِ بْنِ الخَرِّيت أَخِي الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَنْ نُوِقش الْحِسَابَ-أَوْ: مَنْ حُوسِب -عُذِّبَ. قَالَ: ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّمَا الحسابُ اليسيرُ عَرض عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَرَاهُمْ (٥).
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ (٦) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سمعتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ: "اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا". فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْحِسَابُ الْيَسِيرُ؟ قَالَ: "أَنْ يَنْظُرَ فِي كِتَابِهِ فَيَتَجَاوَزُ لَهُ عَنْهُ، إِنَّهُ مَنْ نُوِقش الحسابَ يَا عائشةُ يَوْمَئِذٍ هَلَكَ". صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (٧).
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ أَيْ: وَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فِي الْجَنَّةِ. قَالَهُ قَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، ﴿مَسْرُورًا﴾ أَيْ: فَرْحَانَ مُغْتَبِطًا بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ-مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أَنَّهُ قَالَ: إِنَّكُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالًا لَا تُعْرَفُ، وَيُوشِكُ الْعَازِبُ (٨) أَنْ يَثُوبَ إِلَى أَهْلِهِ، فَمَسْرُورٌ ومكظوم (٩).
(٢) تفسير الطبري (٣٠/٧٤).
(٣) في أ: "صفرة".
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٩٣٩) وصحيح مسلم برقم (٢٨٧٦).
(٥) تفسير الطبري (٣٠/٧٤).
(٦) في م: "عن".
(٧) المسند (٦/٤٨).
(٨) في م، أ، هـ: "العارف" والمثبت من المعجم الكبير.
(٩) المعجم الكبير (٢/٩٤) من طريق يحيى الحماني، عن جعفر بن سليمان، عن أبي عبد الله الشامي، عن عائذ الله، عن ثوبان به مرفوعا، ويحيى الحماني ضعيف.