مِثْلَهُ (١) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ النَّارِ الَّذِينَ لَا يُرِيدُ اللَّهُ إِخْرَاجَهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ، وَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ الَّذِينَ يُرِيدُ اللَّهُ إِخْرَاجَهُمْ يُمِيتُهُمْ فِيهَا إِمَاتَةً، حَتَّى يَصِيرُوا فَحْمًا، ثُمَّ يَخْرُجُونَ ضَبَائِرَ فَيُلْقَوْنَ عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ، أَوْ: يُرَشُّ (٢) عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحبَّة فِي حَمِيلِ السَّيْلِ" (٣).
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ إِخْبَارًا عَنْ أَهْلِ النَّارِ: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزُّخْرُفِ: ٧٧] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾ [فَاطِرٍ: ٣٦] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) ﴾
(٢) في م: "فيرش".
(٣) المسند (٣/٢٠).
﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩) ﴾
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ أَيْ: طهَّر نَفْسَهُ مِنَ الْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ، وَتَابَعَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ أَيْ: أَقَامَ الصَّلَاةَ فِي أَوْقَاتِهَا؛ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ وَطَاعَةً لِأَمْرِ اللَّهِ وَامْتِثَالًا لِشَرْعِ اللَّهِ. وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ:
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَرْزَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَمِّي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ قَالَ: "مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَخَلَعَ الْأَنْدَادَ، وَشَهِدَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"، ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ قَالَ: "هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا وَالِاهْتِمَامُ بِهَا".
ثُمَّ قَالَ (١) لَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (٢).
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي عَمرو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْآمُلِيُّ (٣) حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي خَلْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ فَقَالَ لِي: إِذَا غَدَوْتَ غَدًا إِلَى الْعِيدِ فَمُرَّ بِي. قَالَ: فَمَرَرْتُ بِهِ فَقَالَ: هَلْ طَعِمْتَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أَفَضْتَ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الْمَاءِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي مَا فَعَلْتَ بِزَكَاتِكَ؟ قُلْتُ: وَكَأَنَّكَ قُلت: قَدْ وَجّهتهَا؟ قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُكَ لِهَذَا. ثُمَّ قَرَأَ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ وَقَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا يَرَوْنَ صَدَقَةً أفضل منها ومن سقاية الماء.
(٢) مسند البزار برقم (٢٢٨٤) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (٧/١٣٧) :"رواه البزار عن شيخه عباد بن أحمد العرزمي وهو متروك".
(٣) في أ: "الأيلي".